{env}

الصفحة الأساسية > رسائل > إليك > في عيدك ِ الأربعين ْ.

.

في عيدك ِ الأربعين ْ.

السبت 11 نيسان (أبريل) 2015

JPEG - 9 كيلوبايت

في عيدك ِ الأربعين ْ......يا ثورة َ فلسطين ْ

لقيتك ِ شابا ً وكنت ِ صبيَّة ، ولدتُ قبلكِ بسنتين أو بثلاث والتقينا شبابا ً ، ولدت ِ في شتاء العربِ الممتلئ وعوداً وغروراً وضجيجاً ، وولدت قبلكِ في شتاءِ فلسطينَ الحزين الصامد المنتظر ِ طويلاً والواقف ِ بانتظار ِ الأهل ِ والأقارب ِ وبني يعربَ من عدنانَ وقحطان ْ ، وكنا على موعد ٍ والتقينا ، وسارت التي لا يمكنها الوقوف بانتظار أحد وعبرت التي تراكمُ الحزنَ والأسى مثلما ُيخطف منها بسمة أو بعضُ بلسم ٍ أو مكيالُ أمل ، وانتبهنا فجأةً فإذا نحن على أبواب التي قيل فيها حتى إذا بلغَ قال ربي أوزعني أن أشكر َ ، واكتشفنا أن َّ الوقت حان لبعض صراحةٍ وبعض ِ مكاشفة مما لا بدَّ منهُ على أبواب الأربعين خاصة .

أيتها العليَّة ُ البهيَّة :

فتح ...، ولدت ِفولدتْ معكِ بوصلة ٌ للقدس ِ ومنارةٌ لسفين ِ الوطن المبعدِ قسراً والمتآمر ِ عليه جهاراً نهاراً ، وانطلقت ِ فإذا بك ِ قبلة لقلبِ الخيام ولروح ِ الحمامْ ، وأعلنت ِ شهادة ميلادك ِ للملأ فإذا بها شهادة عبورٍ جديد لشعب ٍ عنيد ٍ أبيٍّ مقيم ٍ على ودِّه ومخلص ٍ لعهدِه ، وسعيتِ على الأرض ِ فإذا خطوك ِ خطو مارد ٍ ووقعُ أقدامك ِ هبوب العواصف ِ وضرب الزلازل ِ وبأس الأعاصير ، وهتفت ِ فإذا هتافكِ رعدٌ ونبضهُ مشاعل ولحنهُ باب الحياة ِ وكرامة الأجدادِ والأحفاد ، فالتفّت من حولك ِ السواعد وأصاخت لعزمكِ الألباب ْ.

وسرتِ إلى فلسطين فتزيَّنت الساحاتُ والدروبُ وتحنَّت الطرقاتُ والقلوب ْ وانتعشت الآمالْ ، أعلنتِ أن عودة َ الحقِّ السليب ِ مصدرُ الكينونة وعودةَ أصحابِ الحقِّ هي الطريق وأنَّ فداءَ الحقِّ كلُّ غال ٍ ونفيسٍ هو رخيص وواجب ، فأمَّن الأبناءُ وساروا ، وأشهرتِ أن مصدرَ الشرعية لا تغادر ُ البندقية في صدرِ العدو ِّ حتى رفع الظلم وإزالة الظلام لا هوادة ولا مساومة ، فكبّر َ الأولادُ وارتاحت عظام الأجداد ، وأبلغت ِ أنَّ الولادة فلسطينية الرحم ِ عربية َ الجذورِ والعمق ِ وإنسانية العصب ِ والحسِّ فرحّبت بك ِ الأحرارُ منها جميعا وامدَّتك ِ بشموع ِ الميلاد ْ.

أيتها الجليلة ُ الجميلة ْ:

أصدقت ِ القول َ العمل َ فتلاقتْ من حولكِ العقولُ والنفوس ْ ، وقلتِ لا حمراءَ وسوداءَ وبيضاءَ وخضراء َ فعلَّمتِ الدنيا الدروس ْ ، وكتبتِ أوّل سطور ِ البلاغ ِ بالفعل ِ والمواجهة فاكتسبت ِ حولك المحبين والمناصرين ْ ، وصرختِ بعد هزيمةِ الجيوش واهتزازِ العروش ْ أنَّ الكرامة في ساح ِ الوغى ، وأنَّ اللقاءَ على أرض ِ المعارك وأنَّ شأن الدولِ للدول وشأنك هو فلسطين ْ ، فتحزَّمت الأسود بالنواسف ولاقتْ مجنزرات ومدرعات الغاصب ِ فيما الغيرُ مجتمعٌ على الموائدِ والمناسف ْ فسجّلت ِ أروعَ الأمثلة ِ وأنبلَ البراهين في الإرادة والإيمان وسطور الفرسان ْ .

فزحفتْ لكِ الجموع واصطفتْ في محراب فدائك ومجدك ِ بكلِّ خشوع ْ ، وقالوا بعدها كلُّنا فدائيون وانتصرتْ الثورة في أوَّل اختبار ْ ، ومدَّ الهرمُ الأكبر ُ والأبُ الحنونُ لك اليد ووهبك ِ عناق المحبين َ فاستعرتِ الأوكار ْ ، وقيل كلُّ فلسطيني يولدُ عليك ِ فقلت ِ أنا لهم وإن تناءوا ، وعبثَ العابثون فحاولتِ المستطاعَ ونأيتِ قدرَ الحدود ْ ، لكنَّ من أرادها سعيراً خلفها بثَّ الفتن والدسائس بين بني العمِّ وبين الأرحام ِ ، فتناثرت السهام ُ وما اسطعت ِ عليها صبراً ولا وقفت السهام ُ وخرجتِ بالجراح ِ وبالخصام ْ ، فكانت أوَّل الخناجر والحراب بينَ الأهل ِ والأحباب ْ .

أيتها العظيمة الحكيمة ْ :

كانَ عليكِ أن تذاكري الدروس حتى لا تقعي في فخاخ ِ البسوسْ ، فما تركوا لكِ وقتا ً ولا أبديتِ عليها حرصاً فاصطادتك ِ العقاربُ والثعالب ْ ، ورأينا من فعلها العجائبْ ، وظنّت أنها قد قضت فإذا بكِ من الموت ِ أكبرْ ومن الخضوع ِ أعظم ُ ومن َ أيوبَ أصبر ْ ، ووقفت ِ من جديد فاستعانوا عليك ِ بالعبيد ْ وكادوا لك ِ أحياناً بمن هم في الوتين ِ والوريد ْ ، ومع ذلك ِ كانَ الخطابُ عليك ِ هو الحارسَ الوحيد وكانت الأسوارُ تضحياتَ الشهيدة ِ والشهيد ْ ، فبقيت ِ مع كلِّ فداء ٍ شعلة ً تعيدُ النورَ والدفءَ من جديد ْ وتنهض ُ باتجاهِ الأمل ِ البعيد ْ ، نقلوكِ إلى المنافي فضربت ِ في الأعماق ْ.

ومرَّت حاملاتُ الوصيّة ْ من يدٍ إلى يد ْ لتحملَ بعدها الأجيالُ منجلَ الحصاد ْ ، وعصفتْ لتفكَّ القيودَ والسلاسل َ عن الشعب ِ المضيَّع والمكبَّل ْ ، وكانت تجرُّ بيدها عربةَ الحجارة ِ ومعها عربةَ الوطن بعد عربة المدفع ْ ، ولكنها بقيت لوصيتها أمينة ْ مهما اشتدَّ الطوق طالما السلاحُ طلَّ من الجراح ْ، وتدافعت المواكب وهاجت المراكب ْ ، وثار الغبار ُ في الخليج ِ فقلت ِ لا لحلِّ الأجنبي فترجمها المغرضونَ لا لردِّ الواثب ِ ، وصمت ِ عن سوءِ الترجمة فدفعنا ثمنَ لا المعجمة ْ ، واصطفَّ ضدَّك ِ من أرادَ إدخالكِ إلى ساحة ِ البورصة التي يرفضها شعبك ِ ويدفعُ ثمنَ رفضه ِ وثمنَ قوميته ِ سيّان ْ.

أيتها الكبيرة ُ البصيرة ْ :

قالَ بعضُ الأبناءِ نمرُّ فيكِ إليك ِ ومنها إلى الممكن ِ فيه ْ ، وحاولوا بظنِّهم فساءت العقبى في بعضه ولمعت الخطوبُ حولَ باقيه ْ ، وقالَ بعضُ من اجتهدَ باسمك ِ نصلُ إلى المحتملِ من أجل ِ المحمول ْ ، فتشقَّقّت في الجدار شقوق ونما حولها الطحلبُ وبعضُ العناكب ْ ، وصمتَ جزء ٌ من الأبناء بانتظار النتيجة فخدعوا أنفسهم وخدعوك ِ معهم ، ونكصَ بعضُ الأبناءِ إلى خارج ِ العهدِ موهومينَ بشيءٍ من نفاذ ٍ وشيءٍ من ضباب ْ ، فاستحقَّ الأمر صوت الضمير ووقفة التأمُّل ِ وساعة المصارحة ْ ، واستهانَ بعضُ من ادّعى بكِ عليكِ وعلى شعبه ِ فتجلَّت الكارثة ْ و وجبَ الوقوف ْ.

واليومَ في عيدك الأربعين وعيد شعبك ِ الصابر المجاهد المرابط المبايع وجبت لكِ بعد التهنئة وتمني طول عمر أبنائك وبناتك ِ واحتفالهم بك الوقفة والتبصُّر ْ ، فما دربُ الممكن ِ إلا ما انتزعتهُ البندقية ْ وما دربُ الواجبِ إلا ما بنتهُ التضحياتُ وما دربُ الوصولِ إلا ما عطّرتهُ الدماء ُ وليسَ ما هانَ إلا ما على تحقيقه استعان ْ ولا يصلحُ آخر الدروبِ إلا بما انفتحت له أولها وليسَ القرارُ المستقلُّ إلا استقلالا ً في استمرار ِ طلبِ الحقوق ، وليسَ الدعمُ إلا دعمُ فلذات ِ الأكباد ِ ومشاعلِ الحرية من شعبك وأبنائك وليس الخلودُ إلا لمن بقي أمينا على وصاياك وكتابك ْ.

وبعدُ :

حانت ساعة ُ الحقيقة واستحقَّ أجلُ الاستمهال ولا مناص من الاستخلاص ْ ، فمن هو على درب ِ مشاعلكِ الجليلة ِ من أبنائكِ الأوائل ِ هو لك ِ ومنك ِ حقاً وصدقا ً ومن هو على غير ذلكَ إنما هو عندكِ لمتاع ٍ وقلاص ْ ، وظهرت خيبة ُ الظنِّ واسُتلت حرابُ الدفن ْ فلا العدوُّ يجيب ْ ولا العالمُ على دمنا طبيب ْ وقد ألقى كلٌ منهم عصاه ُ وباعدَ خطاه ْ ولم يبقَ إلا ساعدُ الجدِّ حتى نيل ِ الوعد ِ ، فانفري بخيلك ِ حيثُ وصيةُ "العاصفة " وخندق ِ " الكتائب ِ" ، وانثري بحبرك ِ حيثُ اليد " الغلّابة " وأعيدي رسم َ الخطوطَ والزوايا حتى لا يختبأ من يهوى المنعطفات ِ ويمارسُ الهوايات ْ ، فمن تبعَ غير ذلكَ بعدُ فليسَ لهُ عندنا حظوظٌ ولا مظلات ْ ، ....عودة الخيام وعروس المدائن وما نالته البندقية من تراب من البحر إلى النهر ِهي الحدُّ الذي لا تهاونَ فيه ولا يلزمه ُ في التمترس ِ عندهُ رأي ٌ ولا نصاب ْ فلا الوقت وقت غواية ولا الزمانُ زمان ُ عويل ْ وأنهي بما قلتيه يوما " الحلّ السلمي مستحيل ْ والبلاد بلادنا وما نرضى عنها بديل ْ ".

أيمن اللبدي

28/12/2003

JPEG - 9 كيلوبايت

الرد على هذا المقال

نسخة من المقال للطباعة نسخة للطباعة
| حقوق المادة محفوظة ويمكن الاقتباس والنقل مع ذكر المصدر|