الصفحة الأساسية > نبض الشعر - العمود > فَيْضُ البردةْ
فَيْضُ البردةْ
السبت 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2023
يا نائحَ الأَيْكِ أدْرِكْ نائحَ الأَجَمِ | لحظُ الجآذرِ أَوْدى بالفَتى العَلَمِ | |
جارانِ كانا ودمعُ العشْقِ مُشْتَركٌ | ما العِشْقُ إلاسُيوفُ الحِلِّ في الحَرَمِ | |
تُرْدي الفَرائسَ أَياً كانَ مجلِسُها | وَلا تُراقبُ عَهْداً في فَمِ الذِّمَمِ | |
تَرْمي العيونُ بِسَهْمِ الحظِّ إذْ نبَلَتْ | فإنْ أصابتْ فَسهمُ الحُكْمِ فيهِ رُمي | |
أشفارُها الوَهْنُ والأعطالُ سيمَتُها | وبالتَّمَنُعِ تُـدْمي صَوْلَةَ الرُّخُمِ | |
لا تَسْتَعينُ عَلى صَيْدٍ بجارتِها | ولَيْسَ تُشْفِقُ ما زادَتْ منَ البُهُمِ | |
منْ كلِّ بيضاءَ أوْ سمراءَ عُدَّتُها | أنسُ المراتِعِ لمْ تَبْرَحْ ولم تَرُمِ | |
غيداءُ فرعاءُ لا يُشْفي ضَحيَّتَها | إلا الوِصالُ وبعضُ الوَصْلِ كاللَّمَمِ | |
كالشَّمسِ تطلُعُ إلا أنَّها قَعِدٌ | ليستْ تبارِحُ إشراقاً على الغَسَمِ | |
أيَّانَ تَرْقُبُ ثِنياها تَجِدْ زُمَراً | منَ اللآلئِ والأنوارُ في القِمَمِ |
1
حُسنٌ وَيطْغى إذا لاحقْتَهُ نظَراً | حتى يتيهَ فلا يَقْوى على الدُّوَمِ | |
فإنْ تَثَنًّتْ فأرضُ اللهِ تَحْسِدُها | ماسَ القُوامُ وفاحَ العِطْرُ في الكُتُمِ | |
يأخذنَ ذا اللبِّ حَتى لا حِراكَ بهِ | كأَنّها الطَّيْرُ فوقَ الهامِ والقَدَمِ | |
ماروتُ ينفِثُ سِحْراً لا فِكاكَ لَهُ | في نطقِها العزفُ والأوتارُ في الكَلِمِ | |
قدْ كانَ يَطْربُ من شَدْوٍ تُردِّدُهُ | ويحَسْبُ العِشقَ للضَّعفى وللزُّكُمِ | |
أبكيْتَهُ اليومَ مُشتاقاً لِعَبْرَتهِ | يا وَيْحَ قلبكَ هلْ غابتْ بمُحتَدِمِ | |
تَرى الدُّموعَ وِصالاً لا تَكفُّ يداً | كأنَّها الحظُّ في الأَلْواحِ مِنْ قِدَمِ | |
لَوْ أنَّكَ اليومَ قدْ أَهْدَيتَهُ خَبَراً | فيهِ التَصَبُّرُ والسَّلوى عَلى السَّقَمِ | |
لكنتَ قاسمتَهُ في خَيْرةٍ وَصلتْ | لكَ المعارفُ في أندائِها الشَّبمِ | |
يا نائحَ الأَيْكِ سَهمٌ في الفؤادِ ألا | منْ رُقْيَةٍ لَأَذى الهِنديَّةِ الخُذُمِ |
2
ما زارهُ النَّومُ مُذْ شابَتْ ذوائبهُ | ولا استراحتْ لهُ الأحْشاءُ منْ أَلمِ | |
ما انفكَّ صابٍ يَسحُّ الدَّمْعَ متَّقِداً | والدمعُ أهونُ ما في العشْقِ منْ زُلَمِ | |
قدْ أهلكَ النَّفسَ في الآمالِ يرقُبها | فما يزيدُ سوى عمراً منَ الصُّرَمِ | |
وما الأماكنُ إلا خاطرٌ وَهَوىً | ودونَ ذلكَ أحجارٌ على حُزَمِ | |
لا ينطِقَنَّ أخيذٌ بالجمالِ سُدىً | ويكْثِرُ اللَّغْوَ مشغولٌ عنْ الفَهَمِ | |
أَصاحبَ العذْلِ بعضٌ منكَ مُنْيَتُهُ | كيما يزيدَ جلالُ الشَّوْقِ في الضَّرِمِ | |
لولا العواذلُ ما اهْتاجتْ بلابِلهُ | ولا أصرَّ على النَّجوى بمتَّهَمِ | |
ما للعَواذلِ إلا حِرْفَةٌ قدِمَتْ | لولا الهوى لغدَتْ في مُطْلِ مقْتَسِمِ | |
أمَّا الوشاةُ فنِصْفٌ تَشْتَكي مرضاً | وما تَبَقّى سِوى الحسَّادِ في الغُرُمِ | |
يا منْ تَقـَوَّلَ إنَّ اللُّؤمَ مَرْتَعُهُ | كالظُّلْمِ دامٍ وأشواكٌ منَ العُتُمِ |
3
فيمَ اشتغالكُ في الأَقْدارِ تغْمِزُها | لوْ شفَّكَ الوَجْدُ لمْ تهْجَعْ ولمْ تَقُمِ | |
بهنَّ أودعَ ربُّ العرْشِ أسْلِحَةً | بالرُّوحِ والأُنْسِ قبلَ الجيدِ والعَنَمِ | |
أفِتنَةٌ بِسِواها كانَ مُرتَقباً | والسِّحرُ يَصْرعُ عُمياناً وذا صَمَمِ | |
أبوكَ آدمُ ما تفاحةٌ سقطتْ | أغوتْهُ لكنْ ببثًّ السُّمِّ في الدَّسَمِ | |
يا قلبُ أمسِكْ فإنَّ الكَتْمَ أشْرفُهُ | دمعٌ توارى ولوْ أنَّ البُكا بدَمِ | |
إنْ كانَ لا بدَّ منْ قدَرٍ غَدا سَفِراً | فانشرْ شراعاً منَ الأخلاقِ كالأُطُمِ | |
واعفُفْ فإنَّكَ إنْ تفعلْ تجدْ ثَمَراً | جَنْيَ العفافِ وأنعمْ في جَنى الكُرُمِ | |
والصَّبرُ حقٌّ كمثلِ النَّولِ شاهِدهُ | إمَّا انتبَهتَ تذكَّرْ قولَ محتَرمِ | |
يا ساكنَ البانِ ما طالَ الفراقُ، لكمْ | عهدُ المحبِّ وفاءً بالغَ القَسَمِ | |
لعمرُكَ الدِّينُ والدُّنيا أخو عظةٍ | فإنْ وقفتَ ببابِ الوَعْظِ فاغتَنِمِ |
4
قُلْتُ اسْتَفيقي ألا يا نفْسُ مَهلَكُها | إذا غَوَيْتِ وبَعضُ الذِّكْرِ كاللُّجُمِ | |
ما يصْنَعُ الفِكْرُ إنْ خارَتْ عزائِمهُ | فليسَ يبقى عدا التَّقوى عَلى الهِمَمِ | |
صلاحُ أمركَ بالتَّقوى تُثَبِّتُهُ | وما الخلاقُ خلا سُّور عَلى الشِّيَمِ | |
والنفسُ تَطْغى فإنْ تَغْفَلْ تَهَدَّدَها | سوءُ المآلِ، وإن تَذْكُرْ نَجَتْ بِعَمي | |
والنَّفسُ كالنّارِ إن أشبعْتَها حطباً | ثارتْ وإنْ بَرَداً ألْقَمتَها تَنَمِ | |
والنَّفسُ تَجني وتنَسى جَنْيَ مُوْرِدِها | دارَ الهلاكِ بتَسْويفٍ لِمزْدَحَمِ | |
إذا الصَّحائفُ سوداءٌ لحلكتِها | والعزمُ أوهى منَ الدِّيدانِ في الهمَمِ | |
صاحتْ أغيثوا فإنَّ الذنبَ مُنْطِبِقٌ | طَبْقَ الكتابِ على مفرودةِ الرَّقَمِ | |
أينَ المفرُّ وعُمْرٌ فرَّ لاهيةً | ساعاتُهُ، والأيامُ كالحُلُمِ | |
لكلِّ ذنْبٍ وإنْ طالَ السَّماءَ أذىً | لهُ شفيعٌ عظيمُ الشَّأنِ والكـَرَمِ |
5
وكلُّ كَرْبٍ، وإنْ عزَّ المُقامُ بهِ | لهُ الجلاءُ بِجاهٍ عزَّ في العِظَمِ | |
وكلُّ شأوٍ إذا فاقَ الخيالَ دَنا | لهُ المُجيبُ وَحلَّ الغيْبُ بالقِسَمِ | |
سرى بيَ الشَّوقُ أخّاذاً فقلتُ لمنْ | فقالتِ النَّفسُ للمَحْبوبِ من قِدَمِ | |
ويحَ الأحبَّةِ إنْ ظنّوا لهَمْ رُكناً | يجوزُ ركنَ حَبيبِ اللهِ منْ بَلَمِ | |
فداهُ نفسي ومالي والولاءُ لهُ | هيهاتَ يُؤْمِنُ إلا مَنْ بها يُسَمِ | |
لولا المخافةُ قلتُ الكفرَ مختَصرٌ | في مُبْغِضيهِ وأيٌّ فوقَ ذا الجُرُمِ | |
إني وَقَفتُ ببابٍ لا صُدودَ لهُ | في روْضَةِ النّورِ مَوقوفاً على النَّدَمِ | |
يا أشرفَ الخلقِ ما لي بالسَّميِّ يدٌ | كصاحِبَيَّ، ولكنْ كنيَةٌ لَسَمي | |
وَردْتُ روْضَكَ في الدٌّنيا على عَجلٍ | أعلِّلُ النّفسَ وِرْدَ الحوضِ في السَّلَمِ | |
ما لي سواكَ شفيعٌ إنْ هَوى عَملي | وليسَ يُجبَرُ محرومٌ منَ الرَّحِمِ |
6
وَكيفَ نلقى رسولَ اللهِ في غَدِنا | وما رَعَينْا وصايا الخلِّ في الرَّحمِ | |
وما اجْتَنبنا دعاوى لا خَلاقَ لها | وما برئنا من الإغفالِ في الكَلِمِ | |
ولا نَظَمنا ندينُ الظُّلمَ في مُضَغٍ | لها السّماءُ تداعتْ وعدَ مُنتَقِمِ | |
دَمُ الحسينِ تَغَشّاها فما سَلِمتْ | منهُ الكثيرُ وما حلَّتْ لِمُقْتَحِمِ | |
في كَربُلاءَ عظيمُ الحقِّ مُنْتَهَكٌ | وفي البواقيْ دمُ النَّسْلينِ في ألَمِ | |
ياربُّ إني بريءٌ منْ تناوشِها | في العالمينِ وإني غيرُ مختَصِمِ | |
وَلستُ أخلطُ في ديني تذاكِيَهم | ولا الأحابيلَ للإفلاتِ منْ دُهُمِ | |
لا باركَ اللهُ مُذكيها وسافِكَها | في العالمينَ وخابَت ضُلَّةُ الوَرَمِ | |
وفي انتظارِ إمامِ الحقِّ نُثبِتُها | لعترةِ المصطفى من نَبْتِها العَلمِ | |
إنا الموالي لِمنْ أوصى محمَّدُنا | في العالمينَ وهذا العهدُ فاستَلِمِ |
7
إني نظمتُ وظني أنها رَحِمٌ | موقوفةَ الدَّهرِ في بدءٍ ومختَتَمِ | |
ليستْ كَزَهْرِ زُهيْرٍ في محاسِنِها | ولا كَكَنْزِ عِماماتِ الفتى الدَّسمِ | |
لكنَّها الصِّدقُ في النَّجوى تبثُّ هوىً | وليسَ كالصِّدقِ منجاةٌ منَ التُّهمِ | |
لثمتُ نورَكَ بابَ الرَّوضِ محتفياً | يا ليتَ أني أقيمُ الدَّهرَ منْ نهَمي | |
قدْسيَةٌ وسَرى في الجوِّ عاطرُها | لولا الحياءُ لقلتُ الدِّينُ في اللَّثِمِ | |
محمّدٌ صفَوةُ الباري وحُجَتُهُ | وَخيْرُ خلقِكَ في الثَّقْلينِ والسُّدُمِ | |
مولايَ صلِّ وسلِّم دائماً أبداً | عَلى حبيبكَ خيرِ الخلقِ والعَلَمِ | |
أتيْتَ بِشْراً وربُّ النَّاسِ أدَّبَهُ | فكُنتَ أكملَ ما في الآيِ منْ نِعَمِ | |
يا رحمةَ اللهِ قدْ فاضتْ على أُممٍ | فيها استظلُّوا على حَرِّ الطريقِ حَمِ | |
اللهُ أكبرُ ما ذاعَ الأذانُ بها | وما تردَّدَ بينَ الفجرِ والظُّلَمِ |
8
بطحاءُ مكَّةَ منْ أَنْوارِ ليلَتِها | قامتْ تُسَبِّحُ والبَسْماتُ في النُّجُمِ | |
يا آمِنَ الخيرِ، إنَّ الحقَّ مولدُهُ | بُشرى الخلاصِ لخلقِ اللهِ والبُهَمِ | |
سمّيهِ أحمدَ، وهوَ الحمدُ خِصلَتُهُ | يا سيِّدَ الكونِ من عُرْبٍ ومن عجَمِ | |
قريشُ تعلمُ أيَّ السَّادةِ اختَبَرتْ | فهاشِمُ العزُّ منْ سيلِ الأُلى البُطُمِ | |
يَتيمُ حظٍ ولكنْ عُزْوَةٌ نَقَرَتْ | جَدٌ وَعمٌ وأرتالٌ منَ الحُشُمِ | |
فيها مُدِحتَ بآياتٍ مُحَجَّلَةٍ | ظفِرتَ بالعدْلِ للضَّيعى وللُيُتُمِ | |
ومعْ حليمةَ قدْ شاعَتْ مآثِرُهُ | فزارَها الخيرُ محمَولاً على الدِّيَمِ | |
تَجري وكانتْ تجرُّ الرَّاحلينَ بها | حتى كأنَّ بها الأرياحَ في القَدَمِ | |
يومُ الغَسيلِ إذا مَلَكٌ تَحضَّنَهُ | يَشُقُّ عنْ صَدْرهِ الأَستارَ بالنَّسَمِ | |
بأمرِ ربِّكَ مَغْسولَ الفؤادِ غدا | بعِصْمَةِ اللهِ لا بالحِرْزِ والوَشِمِ |
9
فلا الشَّبابُ لهُ السُّلطانُ في خَبَرٍ | ولا الغوايةُ في مسودَّةِ اللَّمَمِ | |
حتى رآهُ (بحيرا) في الكتابِ شَدا | هذا الأمينُ وَسيما الصِّدقِ في الوَسمِ | |
تُظلُّهُ اليومَ سُحبانٌ وفي غَدِها | إذا أَشارَ أتتْ بالهاطِلِ العَرِمِ | |
يُظلُّهُ الغيمُ أمْ قدْ يستظلُّ بهِ | والناسُ حيرى منَ المشتاقةِ الفَهِمِ | |
هوَ الصَّدوقُ ومحضُ الصِّدقِ في فمهِ | قبلَ النُّبُوَّةِ والآياتِ والخُتُمِ | |
إمَّا اعتِزالٌ بغارِ النُّورِ مُتّصِلٌ | للفكرِ والدَّرسِ والتَّسبيحِ في الدُّهُمِ | |
أوِ انتصارٌ لأَحْكامِ الصَّلاحِ ترى | بحكمةِ الحقِّ دفعَ الشَّرِّ في البُزُمِ | |
حتى تنزَّلَ جبِريلُ الأمينُ بِها | اقرأْ وربُّكَ والتَّعليمُ بالقَلَمِ | |
سجى لسانُ بليلٍ عِندَما انفجرتْ | فيهِ اللَّوامعُ كالأشفارِ في الورَمِ | |
تُفَتِّتُ الغَلْقَ فالأبوابُ مشْرَعةٌ | طلاوةٌ سَفَرتْ في حُسْنِ منتَظمِ |
10
أينَ التَّحَديَ إنْ نادتْ مقاعِدهُ | ما زالَ يرقبُ والأَسْماعُ في صَمَمِ | |
لا الشِّعرُ أمثلُ أنْ يُدعى مبارزةً | والنَّثرُ أَشقى لكيْ يُدعى كمَنهزمِ | |
فيهِ القلائدُ منْ درٍّ ومنْ عَسَلٍ | فأيُّ قولٍ تجدْ منْ مثلهِ كَسَمي | |
وجدتَ فيهِ كلامَ الصَّانِعِ الأَعلى | وكلُّ صُنْعٍ عَلى صُنّاعِهِ يُنمي | |
ما أعجزَ الخلقَ عندَ المتنِ مُكْتَفياً | بلْ قامَ ينسخُ أخباراً على إرمِ | |
في مُحْكَماتٍ لهنَّ النّورُ مُتَصِلٌ | كالبَحْرِ في مَدَدٍ كالزَّهرِ في النَّشَمِ | |
يقصُّ منها ويُنْبي عنْ قُرىً هلكتْ | ويستزيدُ عَنِ الآتينَ في الرَّحِمِ | |
ما هزَّهُ الوحيُ منْ ضُعْفٍ يكابِدُهُ | بلْ قوةُ الحقِّ في الآياتِ منْ عظَمِ | |
عليهِ دَوْمُ صلاةٍ لا انقضاءَ لها | أميُّ علَّمَ خيرَ العلْمِ في الحِكَمِ | |
إلزمْ، خديجةُ قالتْ لنْ تهونَ بها | وأيمُ ربِّيْ لكَ البُشْرى منَ الكَلِمِ |
11
وَصَّالُ رَحْمٍ وحمّالُ العَثارِ لَهمْ | تُقري الضُّيوفَ وتَحمي عنْ يدِ الكُلَمِ | |
بِهِنَّ يرفعُ ربُّ النَّاسِ مُنْتَجَباً | وهُنَّ أمْتَنُ ما في الأسِّ منْ دُعَمِ | |
أذَّنْتَ فيهمْ بأنَّ الحقَّ مُنْتَصِرٌ | دعا فأوذيَ واستعلى معَ الكُظُمِ | |
خابتْ قريشُ ولو دانتْ لأوْرَثَها | حبيبُ ربِّيَ ركناً غيرَ مُنهدِمِ | |
تغدو وتذهبُ والأحلامُ شاخصةً | وتّدَّعي الفوزَ بالإرهابِ والغَمَمِ | |
طوراً تقــاطِعُ والدِّيدانُ تأكلُها | صَحائفَ الجوْرِ لا تُبقي منَ السُّخَمِ | |
وغيرَ باسمِكَ ربَّي ما استقرَّ بِها | تَبْقى فَيذهَلُ هامُ الظالمِ الغَلِمِ | |
أُخرى تحاولُ كنزَ المغْرِياتِ فخذْ | كلا وَرَبِّكَ لَوْ بالشَّمْسِ والجَلَمِ | |
لو أنَها سألتْ ما هدَّ إيواناً | وما أخمدَ النيرانَ يومَ المولدِ الأَشمِ | |
وما أضاعَ لُبابَ الرُّومِ مُرْتَعِداً | لما استَخَفَّتْ بأمرِ اللهِ في الحُسُمِ |
12
لكنَّ كفرَ قُريشٍ في معانِدها | قدْ صدَّها الجهلُ عنْ خيرٍ وعنْ نعَمِ | |
آذتهُ فَرداً وآذتْ بيتَهُ زُمَراً | فما تراجعَ عنْ حقٍ وعنْ رُحُمِ | |
رمى بهِ الحزنُ ما ضاقَ الفؤادُ بهِ | دعا ونادى أَمِنْ رُحمى على الأدَمِ | |
أرادَ ربُّكَ أنْ يعُطى بها كرماً | لا ينبغي لنَبِيِّ غيرهِ يَقُمِ | |
إنْ ضاقتِ الأرضُ لمْ تدْركْ عطيتهَا | فللسَّماءِ شفاهُ الحامدِ النَّهِمِ | |
سَرى به اللهُ للأَقصى على صِفَةٍ | فيها إمامةُ مَنْ بالبيتِ والحَرَمِ | |
بالأَنبياءِ إمامُ المرسلينَ غدَتْ | فيهِ الملائكُ تَشْدو أقدسَ النَّغَمِ | |
أخوكَ عيسى هوَ ابنُ كنْ بلا قلَمِ | وأنتَ يا سيِّدي مِنْها عَلى القَلَمِ | |
فليسَ ذلكَ في ختمِ النبوّةِ بلْ | تتويجُ صورةِ عهدِ اللهِ في التَّمَمِ | |
لولا السُّجودُ لربِّ الكونِ منفرداً | لكانَ قيلَ اسْجدوا للأكملِ الحَكَمِ |
13
طَوى السَّماءَ تدانَى للبراقِ هَوىً | لراكبِ النُّورِ لمْ تهجُدْ ولم تَنَمِ | |
وَقابَ قَوْسينِ حَفَّ العرشُ مبتهجاً | ويا محمَّدُ هذا الركنُ فاستَلِمِ | |
وَسِدْرَةُ المنتهى آيٌ على شَغَفٍ | تنداحُ للمختارْ كالسَّرجِ في البُزُمِ | |
هذا مقامُكَ محموداً فَطِبْ فَرِحاً | ولا تَظُنَّنَ تَوْديعاً لمضطَّرمِ | |
ولا قَلاكَ فإنَّ الحبَّ أعظَمَهُ | بعضُ اشتياقٍ يزيدُ الوجدَ كلَّ ظمي | |
في المعجِزاتِ ولكنَّ الأساسَ بها | بعدَ الكتابِ حديثُ القادمِ الحتِمِ | |
يقولُ لا تأسَ ربُّ الكونِ يحفَظُنا | لا ينفَذُ الشرُّ إطلاقاً لمعتَصِمِ | |
يا صاحبَ الغارِ إنَّ اللهَ ثالثُنا | إياكَ والحزنَ واركبْ خلفَ مقتَحِمِ | |
بأوهنِ البيتِ قدْ ردَّ الطغاةَ فما | في مثلِها عِظَةٌ في قولِ مختَصِمِ | |
بكَ اليقينُ وأنتَ الحقُّ والكرم | أدّبتَ ربي فيا سُعدى لملتَئِمِ |
14
محمَّدٌ صَفْوةُ الباري وعُدَّتُهُ | ورايَةٌ لكمالِ الدِّينِ لمْ تُضَمِ | |
محمدٌ شِرْعةُ الهادي وَمنْحَتَهُ | بُشْرى المساكينِ والأيتامِ والأيِمِ | |
محمدٌ ختمةُ العالي وَرَحمَتُهُ | وعزَّةُ العدْلِ والايمانِ والحُلُمِ | |
أواثِقَ الخطوِ منْ باللهِ معتَصمٌ | هيَ التَّمامُ فأكرمْ بالهُدى التَمِمِ | |
وَكيفَ نَسْبِقُ قولَ اللهِ في مثَلٍ | أطراكَ في الخُلْقِ إنًّ القولَ في عُقُمِ | |
تقولُ عائشُ أمُّ المؤمنينَ بلى | قرآنُكمْ مثلاً يمَشْي عَلى قَدَمِ | |
أبَعْدَ ذلكَ يحتالُ القريضُ عَلى | فُتاتِ حسْنٍ منَ الأَزهارِ في الكُممِ | |
دَعْ عنكَ جُهّالَ حَقٍّ ما افتَرواْ كَذِباً | عَلى النَّبيْ وما دَسُّوا منَ التُّهَمِ | |
جاهدتَ دهْركَ والأيامُ في قُلَبٍ | وما استَكنَتَ عنِ التّبليغِ في عُزُمِ | |
سَلَكْتَ حُسنى ولكنْ ما طغى شررٌ | إلا وَكنتَ لهُ اللجيَّ في القُحَمِ |
15
حتى أقمتَ لِدينِ اللهِ أعمدةً | لا زيْغَ فيها وَتعلو كلَّ مستَنِمِ | |
قمتَ اللياليَ ما قطَّعتَها ترفاً | في اللهِ سَبْحاً وتشكو ضُرَّةَ الوَرَمِ | |
وشدَّ من سَغَبٍ أحشاءَهُ وطوى | دونَ الحجارةِ كشحاً مترفَ الأدَمِ | |
والأمرُ ما قلتَ فيهِ اللا أَوِ النَّعمَ | فخيرةُ اللهِ في لا منكَ أو نعَمِ | |
أدَّيْتَ فيهمْ وَكنتَ القدوةَ اكتملتْ | تمامَ بَدْرٍ منَ الإحسانِ والقِيَمِ | |
وبالقَواريرِ تُوصيهمْ تُقِمْ مَثَلاً | فهيَ الفروسيَّةُ الأُخرى لوجهِ كمي | |
بُعِثْتَ تُكملُ للأَخلاقِ عُدَّتَها | وتُثْبِتُ العدْلَ في الأَحكامِ والنُّظُمِ | |
وتُرسِلُ الحُكمَ لا إكراهَ عَنْ عَمدٍ | فالدِّينُ للهِ بالإسلامِ يُخْتَتَمِ | |
خميسُكَ الحقُّ إن لاحتْ سَبائبُهُ | بالرُّعبِ يُنْصَرُ كمْ للحقِّ منْ نِقَمِ | |
والحربُ للهِ لا قهراً ولا طَمَعاً | فمنْ تخيَّر دونَ اللهِ في جُحُمِ |
16
مَضوا بعهدِكَ للدُّنيا بلا وَجَلٍ | حتى أطاعتْ كمثلِ الخَيْلِ في الشُّكُمِ | |
الراشِدونَ على المنهاجِ دَيْدَنُهم | خيرُ الرَّعيةِ والإسلامِ والرَّحِمِ | |
أيُّ المناراتِ كالصِّديقِ أو عُمْرٍ | ومنْ كعثمانَ تقوىً أو عليِّ سمي | |
أقمارُ شعَّتْ وما انفكتْ تظلِّلُنا | على الكرامِ صلاةٌ كلَّ مُغْتَنَمِ | |
وما استقرَّ سوى حَقٍ بهمْ وكفى | أما المصابُ فكانت من ذوي تُخَمِ | |
أغراهُ بالجهلِ من أغراهُ بالجرُمِ | ويَنقَضي الشكُّ في المرجوحِ بالرَّجمِ | |
كانتْ شهادةَ للإسلامِ قدْ ثبَتَتْ | إنْ دبّرتها يهودٌ في يدِ السَّأمِ | |
في فتنةٍ زُرِعتْ يا ليتَها قُبِضَتْ | ولمْ تقطِّعْ يدَ الإسلامِ بالنَّدَمِ | |
دَسُّوا السّمومَ فُرادى واحتفوا جُمَعاً | بالمسلمينَ وبيتِ الطُّهرِ والشَّمَمِ | |
مولايَ صلِّ وسلِّم دائماً أبداً | عَلى حبيبيكَ خيرِ الخلقِ كلِّهمِ |
17
وآلِ بيتٍ همُ الأطهارُ عِتْرَتُهمْ | منْ حبِّ طهَ يكونُ العهدُ في الرَّحِمِ | |
جدَّ الحُسينِ براءٌ تستقرُّ عَلى | مَرِّ الزمانِ منَ الإظلامِ والظُلمِ | |
منْ كربلاءَ ومنْ أهوالِها وَكَفى | وَمنْ دَمِ ابنِكَ والزَّهراءِ والخِيَمِ | |
ما منْ عزاءَ ولكنْ حرقةٌ بلَغتْ | لَوْ سالتِ الدَّهرَ لمْ تُنصِفْ ولمْ تُقِمِ | |
هذا شَهيدُ فمِ الإسلامِ مُختَصراً | لا يُكْتمُ الحقُّ أو يُنْكَرْ بذي فهمِ | |
لوْ أنَّ حاضِرَنا لا يشتكي جَلَلاً | لكانَ أهونُها مستورةَ الطلَمِ | |
لكنَّها اليومَ أعتى في مصائِبِها | والمستَطيرُ غدا يطغى على العَوِمِ | |
قريشُ عادتْ وعادَ الواقفونَ لها | والشِّرْكُ عادَ بما للشِّركِ منْ صَنَمِ | |
والمسلمونَ على سيفٍ يُريقُ دماً | هُو الحرامُ وَسَعْيُ الفَصْمِ في الفُصُمِ | |
وَيُؤْثرونَ مُوالاةَ العَدوِّ عَلى | صَحيحِ هديكَ للسُّلطانِ واللُّقَمِ |
18
مَضَواْ لِدُنْيا كأنَّ الدِّينَ سِلْعَتَهمْ | باعوهُ بَخْسَاً فصاروا سُبَّةَ الأممِ | |
منْ كُلِّ ناهَشَةٍ تترى رأيتَ دماً | منهمْ فَلَحمُ بني ديني على وَضَمِ | |
صَدَقتَ فيهمْ رسولَ اللهِ إذ فَرقوا | غدواْ كأهونِ ما ينقادُ في الخُطَمِ | |
عادوا دويلاتِ بؤسٍ في مشاغِلِها | قبائلاً وترى مِنْ كلِّ منقَسِمِ | |
أسيادَ كانوا لمجدٍ لا يُرامُ سنىً | حتى استهانوا غَدوا في قَذوة الخدمِ | |
يسوقُهم جهلُ أفهامٍ وزمرَتُها | تنقادُ للعبدِ ساداتٌ وللفُطُمِ | |
لو أنَّهم شِيَعٌ للمصطفى انتَصَرتْ | إرادةُ اللهِ لكنْ همْ لكلِّ طمي | |
أقصاكَ في الأسرِ منْ خمسينَ تُرهبُهمْ | يدُ اليهودِ وأشباهُ الرِّجالِ عُمي | |
باعوهُ بخْساً كما باعوا كرامتَهم | وقدْ تنادواْ لذلِّ السِّلمِ في الوُهُمِ | |
متى يُسالمُ في دينٍ وفي خُلُقٍ | على الدَّنيةِ في الأعراضِ والذَّمَمِ |
19
فإنْ تنادتْ إلى التَّحريرِ كوكبةٌ | منْ فتيةِ آمنوا بيعوا لِمُنصَرمِ | |
صارَ الجهادُ قتالَ المسلمينَ معاً | ما بينهمْ وفتاوى الخُبثِ كالوحَمِ | |
كلٌ يُسابِقُ في فتَوى الفَسادِ وَما | قدْ يَرْعَوي تاجِرٌ في ربحهِ العَمِمِ | |
شكوتُ حاليَ مهموماً بذي تَلَفٍ | إليكَ إني كسيفُ البالِ مِنْ ألمي | |
يا ربِّ جاهاً لياسينَ الذي وُسِمتْ | فيهِ الحوائجُ مقضياتِ في العِصَمِ | |
اصرفْ عواديَ عنَّا ضيمُها كِسَفٌ | واكتبْ شِفاءً من العلَّاتِ والسَّقمِ | |
واكتُبْ نجاةً لنا من فِتنَةٍ وَسِعَتْ | واجمعْ دعاتَكَ في حقٍ منَ الحُدُمِ | |
وانصُرْ كِتابكَ في أرضٍ تحارِبُهُ | واقسمْ لملةِ طهَ قوْمةَ العَدَمِ | |
وائذنْ بفَتحِ فلسطينَ التي انتُكِبَتْ | وارفعْ لوائكَ فوقَ القدسِ والحرمِ |
شعر / أيمن اللبدي
الخميس ۱٦ أغسطس ٢٠۱٢مـ | ٢٨ رمضان ۱٤٣٣هـ