{env}

الصفحة الأساسية > نبض الشعر - العمود > دارُ الخُلودْ

.

دارُ الخُلودْ

الثلاثاء 16 حزيران (يونيو) 2015

صفوةُ النَّاسِ ما يُصَبِّرُ نَفْسي
أُذكرا ليْ الصَّفاوحُسْنَ التأَسّي
همْ قَليلٌ ما قدْ تَبقَّى بأَرْضٍ
والسّوادُ اللَّذينَ رَوَّوأْ بِرمْسِ1
ما بُكائي الرِّجالَ في مشْرقَيْها
إنَّما النَّوْحُ في الخَلاقِ وبُؤْسي
لَيْتَ أنَّ الفُسُوقَ يَرْمي بِرُمْحٍ
لغدا الذَّودُ عَنْ كَريمٍ بِتُرْسِ
وَيْحَ قلبيْ كمْ ضاعَ مِنْ مسْتَجيرٍ
يَرْقُبُ الغَوْثَ مِنْ ضَميرٍ بِكلْسِ2
فَغَدا وَحْدَهُ يواعِدُ ظِـلّاً
وَيُمَنّيْ الأيّامَ مَبْعَثَ حَمْسِ 3
طالَ عهدُ الأَسى سَلُوهُ أَيَرْسو
أَمْ تُرى لا سَفينَ كانَ لِمَنْسي
يا طَريدَ الدَّهْرِ المُحيْلِ تَقَوّى
إنَما الصّبرُ في العطايا لِنَطْسِ4
عِلّةُ الدُّنيا ساعَةٌ منْ صَفاءٍ
وَسِنينُ العذابِ تَتْرى لِنُكْسِ5
لَيْسَ مـا أشكو السَّوْءَ مِنْ غارِسي
السَّوْءِ ولكنْ منْ صمتِ جِبْسٍ أَخَسِّ
ما اختلافُ الزّمانِ في حَادِثَيْهِ
ساكِنوهُ الذينَ عادوا بِنَحْسِ 6
إنْ ترى العَيْنُ صورَةً منْ كِتابٍ
ما رأتْ غَيرَ صورَةٍ خَلْفَ نَفْسِ
وأَخُ الشَّكْوى في العِبادِ ضَعيفٌ
يَصْطَلي ضِعْفاً ثمَّ يُرْمَى بِفَأْسِ
صِبْغَةُ اللهِ في القُرونِ تَوالَتْ
هلْ تَرى فيها غيرَ نسْخٍ وكَنْسِ
سِنَةٌ إنْ تُوَسِّدُ الطَّرفَ تُطْوى
هذهُ الحالُ دونَ جَهْدٍ وَبأْسِ 7
لكنِ الأقدارُ التي في يَدَيْها
قدْ أَبتْ مَيْلاً عَنْ تربُّصِ تَعْسِ8
والمنايا لوْ قدْ كَتَبْنَ لَسَّوى
ضِرْسُهُنَّ الحسابَ عنْ مُرِّكأسِ
ولَهانَ المصيرُ يا نَفْسُ رَحْباً
نكَدُ الحرِّ يَسْتَوي موتَ خَمْسِ 9
وَقَفَ البحتريُّ في بابِ كِسْرى
وَرقى الألمعيُّ شَوْقي بِنُدْسِ10
هلْ تُراها منَ الزَّمانِ طُقوساً
وَجَبَتْ عندَ ثوْبِ هَمٍّ وَأُنْسِ
  • -
إِنَّما الدَّهْرُ أرْضُ كَنْزِ عِظاتٍ
وَالشُّعوبُ التي سَتُدْلي بِدَرْسِ
خَشِيَ الغَيْمَ فاحْتَمى مِنْهُ يَمَّاً11
وَجَرى الشَّاميُّ المُصابُ بِعَنْسِ
وعَظَ الواقِفَيْنِ آثارُ دارٍ
وَنَجاةُ العَتيِّ منْ كَفِّ طَمْسِ
وَتبارى الرِّفاقُ في وَصْفِ ماضٍ
تتوالى يَـدُ الخبيْرِ بِجَسِّ
يا سقى اللهُ منْ زَمانِ الوَصايا
يَوْمَ لا تُسْعِفانِ مِنْ دونِ جِرْسِ 12
ما لُزومُ الرَّحيلِ في لابَتَيْها
وَعُروشُ الدُّنى بِنَقْرٍ وَكَبْسِ 13
إنْ أَرَدْتُ الذينَ في الصِّينِ حَلُّوا
أوْسَئِمْتُ الأَرْضينَ جِئتُ بِخَنْسِ 14
بَثَّتِ الأَقْمارُ اللَّواتي تَفانتْ
وتَوالتْ فَمُصْبِحاتٌ لِمُمْسي
لَيسَ في البَحْرِ غيرُ نارِ الحَكايا
واشْتَهى البرُّ ماءَ كَرْمٍ يُنَسّي 15
غَيرَ أني صَحَوْتُ في البالِ شَوْقٌ
وَعَزمْتُ الوقوفَ غَوْثاً لخَمْسي
  • -
عَلَّ في حَضْرةِ الدَّوارسِ سِحْراً
لا يُرى مُرْجَئاً لِطَيْفٍ وَمَسِّ 16
سَبَقَ القَوْلُ لا أَرى فيهِ كَرْهاً
وَأَنا إثرَ صاحِبَيَّ َسأُمْسي
فَطَلَبْتُ الغُيومَ بَيْنَ الجَواري
تَغْزِلُ الجَوَّ لا تُراعي بِدَهْسِ 17
كُلَّما قُلْتَ كَلَّ فيها المُدَوّي
جادَ بِالْعَزْمِ في عُواءٍ وَضَرْسِ18
يا تُرى لَوْ رأى الشّآميُّ يَوْمي
هَلْ تُراهُ المأخوذُ تَحْتَ الدَّرَفْسِ 19
فإذا ما انْقَضى زَوالُ صَباحٍ
كنتُ بَيْنَ القُصورِ أُسْمِعُ نَبْسي
يا لِمَرْوانَ ما أشادَ وأرْسى
يومَ كانَ الظّلامُ ضَيْفَ البِرنْسِ 20
قَصْرُهُ التّاريخُ المُسَجَّى بِنُورٍ
هَلْ لَهُ مِنْ أُمْثولَةٍ دارَ أمْسِ
أَشْبَلَتْ في الحَمْراءِ كُلُّ المغاني
وانْتهىفيها العُجْبُ مِنْ غَيْرِ لُبْسِ21
شامِخاتٌ عَلى أديمِ بِساطٍ
مِنْ جِنانِ الكُرومِ في نَظْمِ هَمْسِ
  • -
تَعْزِفُ اللَّحنَ دونَ نايٍ وعُودٍ
فإذا بالقلوبِ أَسْرى لخُرْسِ
ما تَرى العَيْنُ منْ بَديعٍ تجَلّى
عُقْبَ لَحْنٍ إلا وَفازَ بِحَدْسِ22
ما بَناها سِوى الصَّفاءِ وَخارتْ
يومَ حَلَّ الصَّغارُ مِنْ كلِّ رأسِ
ومَشى بَيْنَ دَفَّتَيْها خِلافٌ
وَرماها الشِّقاقُ عَنْ كلِّ قَوْسِ
فَهَوَتْ رايَةُ القُلوبِ خَريفاً
قبلَ أنْ يَسْقُطَ الشِّتاءُ بِجِبْسِ23
لمْ تَكُنْ يَوْماً حَرْبَ خَيْلٍ وَمالٍ
أوْ سُيوفاً بلْ حَرْبُ خَيْرٍ وَرِجْسِ
هكذا تَسْتَوي المسائلُ عَدْلاً
فانْظروا أَيْنَ كانَ عهدُ المؤسِّي24
أَوَ ضاعَ السَّاسانُ مِنْ بَعْدِ دَهْرٍ
أمْ أعادَ البناءَ أمْتَنَ أُسِّ 25
ها هُوَ الشَّرقُ يَسْتَزيدُ قِلاعاً
وَصُروحاً بالعِلْمِ لا بالدِّمقْسِ 26
انْظُرِ الإيوانَ الذي خَرَّ يَوماً
وَبَكاهُ الغِيابُ منْ عَيْنِ فُرْسِ
كلُّ عَيْنٍ تَرى بِمصْباحِ نَفْسِ
وَأنا في الهوى أُغَرِّدُ قُدْسي
جِئتُ غرناطةَ الجَلالِ مُحِبَّاً
مِنْ فِلَسطينَ شادِياً كلَّ جَرْسِ
أختُكِ الصُّغرى حمَّلَتْني سلاماً
فائْذَني مِنْ حُوِّ المَراشِفِ لُعْسِ 27
نَطَقَتْ لا الضَّادُ الذي رَنَّ مِنْها
لا بَواقيْ الوَزيرِ آخرَ طِرْسِ
وعظَ الواقِفَيْنِ أمْواتُ دَرْسٍ
وَشَفَتْني الحُروفُ مَنْ لَحْي خُنْسِ28
وَيْحَ قَلْبي ماذا أَرى مِنْ مَكاني
هلْ هيَ القدْسُ بعْدَ ضَيْعةِ قُعْسِ 29
فاعْتراني الذُّهولُ لمْ أدْرِ حَقّاً
أهُوَ الوَهْمُ مُسْتحيلاتُ هَجْسِ30
أمْ هُوَ الكَشْفُ لااسْتبَانَ وَظَنيِّ
أنّهُ المفْزوعُ الذي تَحْتَ نَقْسِ31
يا فُؤادي ماذا دَهاكَ أَجْبني
لا تُطلْ زاغَ ناظِري شُلَّ حِسْي
لا قضاءٌ يُردُّ مِنْ أُمْنِياتٍ
يا لَطيفاً أعوذُ مِنْ شرِّ وَسِّ 32
  • -
دُوَلٌ في الدُّمـوعِ مُخْتَصَراتٌ
فَرَحاً في البُزوغِ نَوْحاً بِعَكْسِ
كَمْ بَكَيْتُ الأوْطانَ في لابَتَيْها
قَدْ أضاعوا التَّليدَ مِنْ مُلْكِ عَبْسِ
وَبَغى الحاقِدونَ في كُـلِّ حَيٍّ
وَطَغى فيها مِنْ رَوابِضَ فُطْسِ 33
سلَخَ الأجنبيُّ بالمَكْرِ دِرْعاً
فَوَعى القَوْمُ دُونَ قائِدَ نَدْسِ 34
يا بَني يَعْرُبَ العُروبَةُ حِصْنٌ
إنْ تَهاوى هَيْهاتَ يَصْمِدُ كُرْسي
سَقَطَتْ بَغْدادُ الخِلافةُ عَصْراً
وَفِلَسْطينُ أَصْبَحَتْ كَيْلَ مُكْسِ35
ساءِلوا مِصْرَ والشَّآمَ كَفاها
تَأكُلُ الدُّودُ مِنْ فرائِصَ نَعْسِ36
أَمُلوكُ الطَّوائِفِ الأمْسِ عادوا
أَمْ بَنوهُمْ عَلى خَرائِبِ وَكْسِ37
أَرْقَدوا مِنْ بَيْضِ الهَزائِمِ طُوْراً
ثمَّ طاروا مُهَـرْوِلينَ لِبَخْسِ 38
هَلْ ترى غَيْرَ ما يُوَسِّعُ مَقْتاً
أوْ تُصيخُ السَّمْعَ البئَيسَ لِرَفْسِ 39
وَطني دُرَّةُ الخُلـودِ وَداري
كَيْفَ أسْلوها دارُ صِيْدٍ وَشُمْسِ40
مِثْلَما قالَ صاحبي في ظِلالٍ
وَتزيدُ الجمالَ بالنُّـورِ قدْسي
شَهِدَ اللهُ لَمْ يَزلْ في دُعائي
فكُّ أغْلالٍ عَنْ مُعَمِّرِ حَبْسِ
إِنْ هَوى الطارئونَ يوماً عَلَيْها
تَبْلَعُ الأَرْضُ مِنْ خَشاشٍ وَمُلْسِ41
لا سَقى اللهُ في رُباها عُقوقاً
قامَ نَبّاحاً يَسْتَخيرُ بِخُمْسِ 42
وَطَنٌ كالسَّفينِ في عُرْضِ يَمٍّ
أَوَ تجْري بِلا شِراعٍ وَقَلْسِ 43
وَحْدَةُ الشَّعْبِ لَيْسَ دونَ عُراها
في هِلالٍ ناجى صَليباً لِقسِّ
خَلَّصَ اللهُ غُرْبَةً مِنْ جَريحٍ
لَمْ يَذُقْها كالنّاسِ لذَّةَ خَلْسِ44
يا ديارَ الحَبيبِ هَلْ مِنْ كِتابٍ
يَعِدُ القَلْبَ بَعْدَ سَبْحٍ وغَسِّ45
علَّ في القادِماتِ فجْراً وَوَعْداً
أَفْتَديْها في يَوْمِ تُشْرِقُ شمْسي
JPEG - 26.9 كيلوبايت

أيمن اللبدي

غرناطة – 11/7/2007

ملاحظة

1: رمس: قبر

2: الكلس: مادة الجبائر

3:حمس: شديد الصولة في الدفاع عن الدين والخلق والوطن

4:نطس: بارع قادر

5:نكس: الانتكاسات والاخفاقات

6:حادثي الزمان: الليل والنهار وهما الجديدان أيضا

7:سنة من كرى: غفوة النوم في اولها

8:تعس: تعيس ولا حظ له

9:خمس: الحواس الخمس

10:ندس: الاندلس إشارة إلى قصيدة شوقي بك رحمه الله "رحلة الأندلس"

11:الشامي: البحتري وقصيدته في إيوان كسرى، والعنس : الناقة

12:جرس: الموسيقى والصوت المنتظم في النغم

13: اللابتان: هما طرفا الوادي والحديث الشريف إشارة في لابتي المدينة المنورة

14:خنس: الكوكب والآية جاءت "الجوارِ الخنّس"

15:ماء الكرم : هو الخمر

16: الدوارس: جمع الدارس وهو ما أثر الهدم والزوال

17:الدهس: السهل من الأرض وهو أيضا مصدر لدهسَ

18:كلَّ: تعب ، وضرس: طحن الأسنان

19:الدرفس: الراية العظيمة

20:البرنس: أعجمية وتعني الأمير

21:أشبلت: قامت على أبنائها بعد وفاة زوجها

22: حدس: ظن النفس وتخيلها وتوقعها الأحداث

23:جبس: اللئيم الغادر الخسيس

24:الآس: الطبيب والمؤسي: المعالج

25:الساسان: ملوك كسرى

26:الدمقس: الحرير

27: المراشف:الشفاه، وحو ولعس :صفات الجمال في الرطوبة والسمار في الشفاه

28:لحي: فك وكناية عن اللسان والحديث الشريف: (من يضمن ما بين لحييه)، والخنس:جمع صفة الخنساء

29:قعس: المقيمة على المجد

30: الهجس: هواجس الانسان وظنه

31:نقس: صوت دق النواقيس

32:وس : وسواس

33:الروابض : الرويبضة كما في الحديث "إذا رأيتم الرويبضة" والمقصود يوسد الأمر من لا يعلم به في آخر الزمان، فطس: جمع أفطس

34:ندس: فاهم وعالم وخبير

35:مكس: بلغة العصر الزيادة على العروض التجارية او الجمارك

36:نعس: نعسان

37:وكس: هزيمة واخفاق

38:طور: جبل

39:والبخس: الذي لا قيمة تذكر له

40:شمس: صناديد وأقوياء وعظماء

41:خشاش :الحديث "خشاش الأرض" من ناشفها وسقطها كما في الحديث الشريف "ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض"

42:خمس: نسبة مئوية

43: قلس: حبال المركب

44:خلس: مختلسة وعلى حين مفاجئةوسريعة

45:سبح وغس: صفة في الغطس والذهاب والمجيء

الرد على هذا المقال

نسخة من المقال للطباعة نسخة للطباعة
| حقوق المادة محفوظة ويمكن الاقتباس والنقل مع ذكر المصدر|