{env}

الصفحة الأساسية > رسائل > شهداء على الطريق > إلى ياسر عرفات

.

إلى ياسر عرفات

السبت 11 نيسان (أبريل) 2015

سيدي فخامة رئيس دولة فلسطين / ياسر عرفات نصره الله

JPEG - 13.4 كيلوبايت

اعتدنا أن نوجَّه لك خطاباتنا دونما حاجةٍ لغير أن نقولَ لكَ الأخ القائد أبو عمار ، ولم نكنْ نجيزُ فيها النصبَ ولا الكسرَ ونبقيها مرفوعة ً كمثل كوفيتكمُ السمراءِ النبيلة ِ عالية ً ناهضة ً ، لا لبسَ في شموخها ولا رجعة َ عن ارتقائها وعلوَّها ، كيف لا وهي رمزُ وطن ٍ ورمزُ كرامة ْ ، وشارة ُ فخرٍ وعزة ٍ وشهامة ْ ، وبصمة ُ شعب ٍ أبى إلا أنْ يبقى على الأرض ِ عزيزاً أبياً صامداً متشبثاً بأرضه وذائداً عن عرضه ومرابطا على قدسه ِ وحفيظاً على عهدة ِ عمره ِ وواقفاً على ميراث النبوة .

واعتدنا أن لا نطيل َ واعتدتَ أن لا تملَّ إن فعلنا ، واعتدنا أن ندعوكَ فنجدكَ إن فعلنا ، واعتدنا أن نسألك وما اعتدت إلا أن تصدقَنا ، فاليومَ لسنا إلا باسمكَ ناطقينْ ، وعلى حوّاف ِ خيمتكَ سنبقى صامدينْ ، فلا يأخذنَّك هم ٌّ ولا يأسرنّك غم ّ مادام من حولك فرسانُك من أبناء الزيتون ِ على العهدِ والقسم ِ حافظينْ ، فانشرحْ ، ولا تلق ِ بالا ً لصعاليكِ الأرض ِ وشذّاذ ِ الآفاق ِ ومن كانَ عليهم كما على العارِ من المحسوبينْ ، فلديكَ كماتكَ الغرُّ الميامين ْ.

أيها القائدُ الوالدْ ،

حفروا من حولكَ الخنادقْ وضربوا على أبوابكَ الحصارْ ، مرتين ......ثلاثةً أو لم نعد نعدّها لكثرتها في الليل والنهارْ ، طاردوك في العواصم ِ وطاردوكَ في المواسمْ ، وقصفوكَ في الشوارع ِ والجوامعِْ ، وأرسلوا خلفكَ دهراً طويلاً من الخبث ِ والكيد ِ فما خرجوا بسوى خيبتهم وخسرانهم المبين ْ ، وابتلوكَ غيلة ً فالتقطوا أبناءك وإخوانكَ شهداءَ واحداً واحدا ً ، فما نالوا من عزمك ولا أوهنوا من بيتكْ ، وبقيتَ واقفاً مهرولاً نحو القدس تستعينُ بما تبّقى من خيولٍ وبما تولّد من رجال ونساءْ عدول ْ ، همْ في البذلِ بحارٌ وأنهارٌ وسيول ْ ، واستعصى عليهم الفارسُ فلجئوا للحيلةِ والدسائسْ .

اختلفَ حولَ بعضِ جَهدك َ الأبناءُ ، وتلاعبَ ببعض ِ حلمك الأشقاءُ ، وتقاطر حولَ دربكَ الأعداء ْ ، لغّموه بالأكاذيبِ وكبَّلوهُ بالألاعيبْ ، وطعنوا في الخبرة والنسبْ ، واعتدوا بالحقد وقَّلة ِ الأدبْ ، فردّت عليهم عيلبونَ وبيروتُ والكرامة ُ وجسرُ الفوارس ِ المقدامة ْ، وتخبَّطوا في الأقاويلِ كلما أعياهم اليأسُ ولفحتهمْ الحمّى واشتد في نحرهم العويلْ ، واحتفظوا بما يقعُ من خطوات ِالعامل ِ وكبوات الصاهلْ ، فكانت دليلًا عليهم لا دليلاً لهم وذلك من فعل ِالأحمق ِالجاهلْ لا من طبعِ المجتهدِ العاقل .

أيها الفارسُ المغوارْ،

بلوناكَ في معاركنا فوجدناك أوَّلنا وآخَرنا ، ورميناكَ في مسائلنا فوجدناك وسطَنا وجامعَنا ، واختبرناكَ في مجاهلنا فوجدناك قائدَنا وعالمنا ، وامتحناكَ على مقدّساتنا وعَوْدَتنا فوجدناك صابرَنا وحاملَنا ، فكيفَ لنا إلا أن نُعليكَ سدّتنا ونسلمكَ رايتنا ونفديكَ غالينا ؟ كيفَ لنا أن لا نغذَ الخطى بينَ يديكَ أبناءً بررة ونقيدَ لك شموعنا بالأصابع العشرة ْ ؟ سمعتَ من يقول قادنا بآيتين من القرآن ، وجملتين ِ من الإنجيل ِ والشعر في بعض الأحيانْ ، إذا غضبَ قالَ: يا جبل ما يهزك ريحْ ، وإذا تبسَّم قال: فوق كنائس ِ القدس ومآذن القدسْ ، وإذا أملَ قال : شبلٌ من شعبي وزهرة من بناتي ، وإذا نادى قال : كما دخلوها أوَّل مرة ْ، وإذا طال الصبرُ به قال : لا تزال فئة ٌمن أمتي ، وإذا اشتدَّ به الوجعُ قال : كما دخلوها أول مرة ، فازددنا لك حبا وازددنا بك وجدا وكلفاً .

لم تحسنِ القيل والقالَ على قانونِ وفصاحةِِ أبي الأسودِ الدؤلي ، لكنِّكَ أحسنتَ البديع والبيانَ والبلاغة َ على قانون العصرِ الدولي ، فاحتاروا فيك ْ ، نطقت ضاداً بينَ مصرَ وفلسطينْ ، فجمعتَ إليكَ أنسَ المحبينْ ، لوَّحتَ بغصنِ الزيتونْ وبندقيةِ الثائر علَّهم يسمعون ْ، فأخذهم الوقتُ وما زلوا على الفهم يحاولونْْ ، وقصدتَ الممكنَ في الزمنِ العربيِّ الخاذلْ ، علَّنا نخرجُ بأي ِّ حقٍّ وعلَّ خلفه من طائلْ ، سألوك فوق السفن ِ إلى أينْ ؟ فقلتَ إلى القدس ِ فضحكت الدنيا ، ووصلت إلى أبوابها فقلت على مرمى حجرٍ بسلام الشجعان ِ وإن خابت الفتيا ، فما وجدنا شجاعاً إلاكَ ولا وجدنا شجاعة ً إلا فيك ْ ، فتركتهم يكشفون المستورْ ويظهرونَ الحقدَ المسعورْ ، فأنهيت صفحة ً طالما أثقلَ السمعَ تردادُ اللّوام ِ لها ، وما دفعكَ لتجتاز َ إلا إقفالُ الدرب ِ أمامكَ على غيرها ، وضيعة ُ العدل ِ بينَ الأمم ْ، وعبادة ُ الكسل ِ وبعضُ الصنم ْ ، فصبرتَ وصمدتَ وثبتَ على الشجاعتين ْ ، فكسبت الرهانينِ وأديت الأمانتين ْ.......

أيها الأبُ الكبيرْ ،

قبَّلت أيدي الصِّغار فعابوكَ على تواضعكَ وحبِّكْ ، فما قدَّمتَ إلا بعضَ أدبِ شعبك ْ ، وعيُبكَ أنكَ لم تتصنَّع الفخارْ ، وما ارتضيت مثلهم بعضَ أقدام ِالكبارْ ، وخرجتَ إلى الدنيا تقول وطني وشعبي ، وما قصّرتَ في السعي لا لشرق ٍ ولا لغرب ِ ، فاحتالوا كي يثبتوك أو يقتلوكْ ، وفي الحالينِ لن يستطيعوا أن يشطبوكْ ، تحسنُ العودة مثلما تحسنُ المودَّة ، وتحسنُ العروبةَ مثلما تحسنُ النجاة بأعجوبة ْ ، كنت ثالث َ من بقي في يعربَ على "لا " وآخرَ من بقي على الكرامة ِ والموالاة ْ ، ذهبَ الناصرُ الكبيرُ غماً واقتُنص َ الناصرُ الأخيرُ دهما ، ً فما بقي إلا وتدٌ واحدٌ لخيمة ِ يعربْ ، أرادوكَ في العراقِ أولاً وأخيرا ً لبسطار الغاصبِ نصيرا ، فأبيتَ إلا أن تكونَ كبيرا ، فتمنَّواْ أن لا تظلَّ شاهداً على خيبتهم أخيرا .

جمعتَ من حولكَ بعضَ لأولاد ، فأكثروا فيها من النزقِ والطيش ِ والفساد ْ ، صبرتَ عليهم علَّهمْ يرجعونْ وقلتَ من شعبي فكيفَ تصنعون ْ ، ولمّا ضاقت الحيلْ ولم تفلح ِ النصيحة ُ ولا اقتربَ الأمل ْ ، حسمتَ مثارَ الزوابع ِ والفتن ِ والجدل ْ ، وأبقيتَ على من يعالجُ الخطايا والخلل ْ ، وطالبكَ الكبارُ بحقِّ الصغار ْ ، فناشدتهم أن يبقوا على فرصة ٍ حتى يزال الجدارْ ، وأكدَّتَ لهم بأنَّ الحلَّ قادمٌ إنما بعض ُ فرصة ٍ حتى يقف َ المسار ْ ، وردَّدت على مسامعنا جداولَ الحساب ِ وأوقاتَ الظلام ِ والنهار ْ ، فما صبرنا ولا صبر غيرنا وما زلنا بانتظار القرار ْ ، ومهما طالَ ومهما استطالَ تبقى لنا الأبَ وتبقى لفلسطين الختيار ْ ، وتبقى صاحبَ الرقم ِ الذي لا يطاولوهُ بالاختصارْ .....

أيها الفينيقُ الماردْ ،

نقسم ُأنا لن نسلمكَ ولن نساومَ في كرامتكَ ولا في شرعيتكْ ، ونقسمُ أنا على العهدِ أجيالاً تتلو الأجيالْ ، لن نركعَ ولن نخذلَ شعبنا ولا شهداءنا الأبطال ْ ، وسنبقى سنبلةً بيمينك وحرسا ً وجنداً بشمالك ْ ، ودرعاً على أبواب بصركَ وسمعك ْ ، وناراً على حاسديكَ ومبغضيكَ وأعدائكْ ، وفتحا ً بينَ يديكَ وخلفك ْ ، فألق ِ بنا في مثار ِ الزوابع نأتيكَ رياحاً عاصفة ً وبراكينَ ثائرة ، خضّبتْ مفارقنا العاصفة ُ وطيَّبت جباهنا الكتائبُ والسرايا ، وعملقتْ هاماتنا النخوة ُوالفداءُ والكرامة ْ، وشدَّت من أزرنا وصايا أخوتنا خلف القضبانْ وفي جنات الله الفسيحة ْ ، وشحنتنا وشحذت من همتنا أدعية ُ أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا ، فاللهَ اللهَ يا ياسرُ في الصمودْ ، ما النصرُ إلا صبرُ ساعة ْ ، فارفع اصبعيكَ وعلِّم ِ الدنيا الشجاعة ْ ، حانتِ الساعة ُوحانتْ كتائبها ، وزع قبلكَ كيفَ تشاء ْ ، ولوِّح بيمينكَ كيفَ تريد ْ ، بأسنا لا يفلُّهُ الحديد ْ ، ومن لا يعجبهُ الحديث ْ فليشربْ من البحرِ وليسَ لهُ من مغيث ْ ، قل يا فنيقنا وتمنى فكلّ ما أردته هو لك منا ، فأمر ترَ ما يقرّ العيون ْ ، إنهم خائبونَ إنهم خائبونْ ......

تبقى ويذهبونْ ، تخلدُ ويهلكونْ ، تشمخُ ويتقزّمونْ ، تتعالى ويسقطونْ ، نكتبك في قلوبنا وفي حروفنا وفي عروقنا وعلى شامات راياتنا وشبابيكنا وأزهارنا وسماءِ شوارعنا وبيادرنا ومدارسنا ، معكَ حتى الوصولْ وإن طال المشوار ْ ، معكَ حتى الدخولْ وإن ضاقت الدروبُ واشتدَّ من حولها الإعصار ْ ، فيا أيها الشامخ الصامدُ الماردْ ، هذا زيتوننا وهذا برتقالنا وهذا ما ادخرناهُ من حنطةِ روحِنا وخبز جماجمنا مهرٌ لكرامة فلسطيننا ، ندفعها وندفعُ عنكَ بأبيضنا وأسمرنا وأحمرنا وأخضرنا ، ، بسهلنا وجبلنا وساحلنا ، بكبيرنا وصغيرنا ، برجالنا ونسائنا ، بأطفالنا وأجنَّتنا ، نأتيكَ من خلفِ الجبالِ والسدود ْ ، ونشعلُ الأرضَ بركاناً تحتَ أقدام ِ الغاصبِ الجحود ْ ، سلمنا في حقنا وعودتنا وقدِسنا وكرامةِ أمتنا وشعبنا ، وغيرَ ذلك ليس لهم منا إلا بنادقنا وأجسادنا وأحزمتنا ، فإن رضخوا للحقِّ رجعنا وإن اعتدوا وأخذتهم العزةُ الكاذبةُ بالإثمِ عصفنا ، ونحن على عهد الأوطان محافظين ، يا قائد وفارسَ شعبِ الجبارين ْ.......

وسلام الله على جيفارا فلسطين البهي ِّ ، وسلام الله على القعقاع ِ وسيف ِ صلاحِ الدين ْ العليّْ

وسلام الله على أبنائك الأبطال الغرّ المحجَّلين ْ

وسلام اللهِ على بناتكَ الماجدات ِ بطهرِ الخالدينْ

أيمن اللبدي

15/9/2003

الرد على هذا المقال

نسخة من المقال للطباعة نسخة للطباعة
| حقوق المادة محفوظة ويمكن الاقتباس والنقل مع ذكر المصدر|