{env}

الصفحة الأساسية > رسائل > شهداء على الطريق > إلى خليل الزبن

.

إلى خليل الزبن

السبت 11 نيسان (أبريل) 2015

حول موت العرّاب....

GIF - 20.8 كيلوبايت

أخي الشهيد خليل الزبن ،

كنا بانتظار الجواب الكبير على موعد مع الانتقال إلى ما هو خارج الركام الكثيف بنقطة إضاءة ولو كانت نقطة واحدة فقد كان من الممكن لها أن تكون كافية إلى حين ، وخشينا أن لا يكون هناك جواب كأقسى ما يمكن أن نتوقعه من النتائج مثلا ، ولكن ما كان يدور بخلدنا جميعا يا أبا فادي أن يكون الجواب على هذه الصفة ولا على هذه الحال البشعة ولو لم تكن في ارتباط مباشر بينهما.

يخجل القلم وتخجل الكلمات أن تنهي بالمتوقع من الجمل المنتظمة حالا كهذه مع تعليق الوضع على شماعة سوف ومشتقاتها السينية المتعددة طبعا والتي لم تنتقل واحدة منها من المستقبل إلى المضارع ، وهكذا حتى تكتمل صورة المشهد العبثي الساقط والموغل في رذيلته وهوانه على نفسه وعلى تاريخه وعلى ما هو مستقبل بين يديه من أيام وما هو مفترض بالحمل عليه والقول عنه ، خرجت هذه السينيات ودفنت جثمانك غزة .

هذه الحال التي سقطت فيها شهيدا مغدورا هي واحدة في كل حلقاتها ولن تكون منفردة عن عدد من الحلقات حولها مما تأخذ بالنظر إلى ما هو في كل ما جاورها ، هذه الحال التي ما زالت تلقي السينيات التسويفية في أمور شتى من أوّل حال الأسرى وفي مقدمتهم الفارس أبو القسام وحتى آخر الحلقات التي كتبها واقع جريمة اغتيالك البشعة والمقززة والموجعة والصادمة حتى العظم .

ديموقراطية البنادق سقطت تماما بتهاوي جسدك النبيل أرضا تحت وقع الرصاص الجبان والغادر وما كان له أن يكون مطلقا على هذا الوضع ولا أن تكون أنت على هذه الحال لو أمكن ساعة من نهار حسم مسألة جواب واحد ولو كان بسيطا متواضعا ، القرارات موجودة وتعيد كل مرة ارتداء الجديد من ألفاظها وزخرفها ولكنها لم تترك يوما واحدا لتترجم نفسها إجراءا واحدا فقط .

ربما لم تكن الرصاصات التي اغتالتك من أصل الحالة وربما كانت مأجورة فيها مقحمة عليها ولكنها بالقطع لو بقيت ديموقراطية الغابة في صحتها لحظة لما وجدت لها طريقا لجسدك المناضل ولما ظنّت أنها ستنجح فيما فعلته حتى لو جرؤت على التفكير فيه فضلا عن التخطيط له ، ولو فطنت لحظة إلى أن الفعل سيجلب مباشرة ردة فعل من نوع آخر غير السينيات العتيدة لفكرت مليون مرة من جديد .

هذه الجريمة هي مرحلة في مراحل الهاوية الكبيرة وهذه الهاوية لا قعر لها ولا حدود ، إنها مفتوحة على كل المعقول واللامعقول معا ، ولقد بقيت دوما النار التي سوف وهذه ( السوف ) هي الوحيدة المؤكدة من السينيات التي ستأكل الأخضر واليابس بحيث لن تجدي معها مجرد توهّم المنعة والتحصين أمامها بأي من الشعارات واللافتات التي طالما احتفينا بها من أوّل الوحدة الوطنية إلى آخر الوعي المانع .

هذه الجريمة البشعة النكراء ليست وصمة عار فقط بل هي في الواقع أخسّ ما يمكن أن يتحمله العار نفسه من وصمات وعلى مطلقي السينيات الكثيرة في الحال الفلسطينية أن يفهموا ذلك تماما كما على الضاحكين من سينياتهم تلك أن يفهموها ، وعلى الجميع يقع وزر حدوثها أو حدوث تاليها إن لم ينتقل جواب واحد فقط من حال القرار الجملية إلى حال الممارسة على الأرض بحكمة وإخلاص .

لم أجد إلا عراب حالتنا الفلسطينية والذي كان يوما صفتنا المميزة وهو الصبر الفلسطيني لأن أنعيه اليوم وأقول بأنه قد مات حتى ولو لم يكن ميتا ، لأنه انتقل من أن يكون عرابنا نحن إلى عرّاب سحرة حالتنا الذين لطخوا هذه الحالة بكل مقزّز ومعيب ، هؤلاء النفر الذين بصدفة فلسطينية ولادتهم أجهزوا بكلّ خسة على مجموع المنجز الفلسطيني الرائع ولادة وتناصرا والذين يجب اليوم أن يجدوا قصاص ما اقترفت أيديهم حتى لا يتحول الرصاص الفلسطيني إلى بغية .

أيمن اللبدي

5/3/2004

الرد على هذا المقال

نسخة من المقال للطباعة نسخة للطباعة
| حقوق المادة محفوظة ويمكن الاقتباس والنقل مع ذكر المصدر|