{env}

الصفحة الأساسية > النثر > أوراق > فليحيا الدم البلجيكي ...

.

فليحيا الدم البلجيكي ...

الثلاثاء 14 نيسان (أبريل) 2015

كنا ومنذ عرفنا الحرف العربي وتعلمنا عن مضر وعبس نتحد اتحادا عضويا مع ذاكرة الحرف ونتنشق عبره رؤية مفعمة بإحساس العظمة المستجلبة والشموخ المستولد ، ثم دخلنا الكتاب الذي رتل على أسماعنا طويلا ، وداعب مخيلاتنا أطول ، وقد كنا هناك في فلسطين وأمام حصيلةٍ لقرن تام من الصراع الذي يحمل في أحد جوانبه حد تدافع الذاكرة مع الواقع وتحدي هذا الواقع لهذه الذاكرة على مدار الساعة ، كنا نأمل أن تنتصر الذاكرة على الواقع ، كنا نأمل أن لا يجبرنا هذا الواقع على ولوج باب أسميناه دوما الخطيئة الواسعة والمحرمة أبدا في كفران الذاكرة بكل عناصرها أو ببعض من هذه العناصر جملة واحدة ، ولكن اليوم فيما يبدو وحتى الساعة يقهقه الواقع على اتساع شدقيه أمامنا ما عادت هناك محرمات ولا عادت خطايا باستثناء خطيئة العبودية لهذه الذاكرة ، ويبدو أن خطأنا كان في فلسطين أننا خلطنا بين شخوص هذه الذاكرة وبين ما استنسل وسمي زورا على اسمها ، نعم هذا ما أصبح واجبا علينا أن نعترف به ونحن نقف أمامه حقا صارخا عيانا .

ترى هل يمكن لأي من ظلال هذه الذاكرة أن تلوم يوما شعب فلسطين بعد اليوم ؟ لا وألف لا ...ولكي لا يكون الأمر سوداويا فإن الحد الذي بين الحقيقة والمرارة هو اكتشاف الفرق بينهما في لحظة وابتلاع أحلاهما في اللحظة التي تلي ذلك .! اليوم برلمان بلجيكا يقول كلمة من هناك ...واليوم يحتشد لدى ختيار فلسطين ومعه في غرفته دم ايرلندي ودم فرنسي وآخر إيطالي ويساومه دم عربي على الخنوع والاستسلام ...اليوم تذكرت فجأة أنشودة زملائي طلبة جامعة بير زيت في العام 82 بعد أن طردوا موفد حكومة صهيون للالتفاف على الإرادة الوطنية في الجامعات الفلسطينية بدءا بها ، وهم يصيحون " علّمنا جيفارا وقال أمريكا راس الحية " وتذكرت في ذات الوقت مغارة يعبد وقسّام الجليل يودع السعدي وقد نفذت ذخائرهم ..........وتذكرت مختار ليبيا وهم يثقلون على سبعينيته بقيود الظلم وإنكار وتنكر الكثيرين وتذكرت قبل هذا وبعده 80 يوما تامة غير منقوصة لسيدي وسيد هذا الزمان "أبو عمار" في بيروت ويا للمهزلة ذات المخالب وذات الوجوه الكالحة .

وإذا كان اليوم ثم كان الغد فليلعن شعب فلسطين كل ذاكرة وكل دم لم يقف الآن وليس في أي وقت آخر معه ولينتمي لما يريد خارج إطار قيود الذاكرة ......لينتمي إلى دم الحرية في أي مكان ...لينتمي إلى ما يشاركه الشموخ الحقيقي والإباء الرائع ...لينتمي إلى عنصر واحد فقط في هذه الذاكرة ...لينتمي إلى عنصر الأرض العربية فيها دون الزاحفين فوقها ولينتمي إلى من مرّ رافعا رأسه فوقها لا من دب عليها ، مثالا شامخا وسيدا لهذه الأرض ... واليوم فقط يمكنني وبثقة مطلقة أن أقول لك يا شعبي ، مبروك عليك وضوح الرؤيا وعرش المجد الخالد وانتصارك على لعنة حدود الذاكرة البغيضة ...وبعد ذلك لا أنسى أن أقول " ليحيا الدم البلجيكي " وسجلوني وسجلوا رفاقي وأخوتي في فلسطين معكم ومع الإنسان الحر الثائر مهما كان دينه ولونه ولغته فوق الأرض أو خارجها...

ودمتم

أيمن اللبدي

31/3/2002

الرد على هذا المقال

نسخة من المقال للطباعة نسخة للطباعة
| حقوق المادة محفوظة ويمكن الاقتباس والنقل مع ذكر المصدر|