الصفحة الأساسية > نبض الشعر - العمود > روحٌ وريحــان
روحٌ وريحــان
في رثاء أمي رابعة عبدالرحمن عبد الباقي اللبدي رحمها الله
الثلاثاء 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2006
في رثاء الوالدة الشريفة / رابعة عبدالرحمن عبد الباقي اللبدي رحمها الله
وأسكنها فسيح جناته وألهمنا بعدها الصبر والسلوان||||
أمي
ما طيَّب اللحدَ لا ما أوحشَ البدنُ | خفقـاً لمقمرَ والدامي له الكفنُ | |
يسري بنا الشوقُ والمحسورُ يسبقنا | بمقلة الخوف فيها الصبر محتقنُ | |
منهال عين إلى محرابها جزعا | يكذِّبُ النفسَ حيثُ الصدق مرتهن | |
نفثاً بها حسرات الروح تمسكها | علَّ الصَّريخ يقيلُ ويسلم الظَّعِنُ | |
حتى إذا قر في الأحشاء مضطربٌ | مكوث طرفة عين هزه السكن | |
لوى به الكي و الأوصاب تخنقه | والعجز أقتل ما ضجت به المحن | |
جثا المصاب على جرف يخاتلنا | هل يسبق القول أم تنجو به السحن | |
ضاع الدليل و قد كانت موارده | أغنى من اليم و الإيمان مختزن | |
قريب يأس يحاذي باطلا خدرا | تداركتـه يد الرحمـن و المنـن | |
إما انتبهت حمدت الله محتسبا | وقلت و يحك رجع و انثنت لسن |
10
يا ليت أني إلى الآلام صاحبها | أذود عنك أنيـنا لم تسع أذن | |
نصف القضاء تباريحا تفرقنا | ونصفها الظلم و الأعداء و الإحن | |
يا منزل الداء لطفا في مواجعنا | ضاقت علينا و ما جيزت له المكن | |
أفدي عروقا على وهن حمت مضغا | في ظلمة الدار ما ضاقت بها الركن | |
فليس يحمل مسئولا سوى عضد | ومن سوى رسـل الحياة يؤتمن | |
كرها حملن وما ألقينه فرحا | بل فيه كرهٌ ولكن نصفه القمن | |
وإن تأذن ميقاتٌ لذي ألم | رضى تهلـل فيه القلب والبدن | |
راعين تقوى وما قاسين من نصب | إلا كعهـد نبي الله مـا يزن | |
وإن سعين على بلواء أو كمد | أو جهد حال فلم يغضب له اللبن | |
وكم سهرن على حمى و نام بها | ليلاء ، تشكو بها الترياق والحقن |
20
لم تشك أضلع من تهزاز محملها | ولا توقف عن سجـداته القطن | |
إن كان عهد ذوي التقلال من حضر | نسخ الصنائع ،كيف البر يمتحن | |
وكيف يرجى فلاحٌ من بني بشر | إن عق والد وهي الفرض و السنن | |
بل نستقيم على حمد ونكبره | ونعلي الشكر ما وسعت له الخزن | |
لا خيـر دون وفـاء قائم أبدا | للوالدين و حسن الصحبة الثمن | |
فكيف أقضي حقوقا لست بالغها | بطلقة غرمت معي بـها المدن | |
يقول صحبي صابر وارتقب عوضا | خير الجزاء ، وإن الحب مفتتن | |
با ويح قلبك هل في الأم من عوض | وهي الجنان و باقي أرضكم عطن | |
يا أم ناري إذا ناورتها استعرت | فكيف أسلو و أنت السلو والحسن | |
رحلت دون وداع مخلف سندا | نأوي إليه إذا تاهت بنا السفن |
30
وكنت أحسب أن العمر منبسطٌ | بمـا يتيح لقـاء ، و المنى رهن | |
وكم وعدت ،لو ان الدهر أرجئنا | حم القضاء ، فلا نعمى له الوسن | |
لو يقبل الفوت برهانا لذي ندم | ندمت دهري و انقادت لي الهتن | |
يا قبر طوبى لعلياء سموت لها | فأنت و الجنة الفيحاء ذي قرن | |
أورق لظلك رضوانٌ يلاذ به | روحٌ تنعم و الريحـان و الدمن | |
إن كنت تعلم من بالرحب، محتفيا | إني أراك ، تساوى السر و العلن | |
نهرٌ و يجري ، و أقمارٌ معلقةٌ | من تحتك ، الغيم روتها لك المزن | |
سلواي أن كتابا يمنه غلبٌ | تقـواه و الخير و الإحسان مقترن | |
يا بنت خير أب أهدت إلي يدا | منه الجذور و في الزهر و الغصن | |
يا نور من ولدت واستخلفت عملا | يرجـو الصلاح و تقواه له المؤن |
40
هي الشهادة كم في أجرها كرمٌ | تاجٌ يرام وطوبى من له الحين | |
نبئـت أن مواعيدا لهـا أجلٌ | يا ليت أن كتـابا خانه الزمن | |
وكنت حيث أغني قادما فرحا | لا حيث أبكي فراقا هده الحزن | |
ومـا وقفت على جمر أكابده | غريب دار يكويه بـها الشجن | |
عوادي الدهر بعضا في نوائبها | بعض العزاء و بعضٌ للمنى وثن |
هي الأمانيُّ مـا أهدت مراقبها سوى الجحودِ وأمضت حكمها السنن | متى حظيت بحظٍ في تقلبـها ! دولابُها باب حظي سدَّه ُ الدرن |
إِنَّ المصـائب تترى كنت خابرها | كأن صبري في أهوالها المهن | |
نواح بيـن وكم أسلفتها عجبا | وقفت أهذي يومي واختفى الفطن | |
لعمرك المال و الزينات مبلغها | إلى خراب ، إذا لا أهل أو وطن |
50
اليوم أصرخ مقتولا بذي رحم | يا دار ما صنعت من حالك الفتن | |
شعبٌ يقـاد إلى ذبح و مهلكة | وهـمٌ يجر و موهومٌ له الرسن | |
أيعلم القوم أن الريح إن فجرت | لا عين تنظر فيها والردى الثمن | |
إن كان لا بد من موت يشاد لنا | فالقدس أولى فداء و العلا البدن | |
في غير ذلك لا عشقٌ ولا طلبٌ | لا بارك الله في عيش هو العفن | |
لا دمع يسمع و الأيام مطلقةٌ | عقال جـور فلا شام ٌ ولا يمن | |
ولا حياء وجوها قد بليت بها | كأن مـاء جباه سلها القطن | |
متى يفيق ذوو الآهات من وجع | فينطق الطير لا يبكي له الفنن | |
آه و مثلي مفئـودٌ يقـال له | أمسك و مثلك لم يجبر به الذهن | |
من يملك الصبر والسلوى شريت به | عمـرا و إني على آثـاره عدن | |
آذار مـا لي بعد اليوم أرقبه | إن الشهور تساوت واستوى الوطن |
11/11/2006