{env}

الصفحة الأساسية > النثر > مقالات > شراع الصباح - افتتاحية مجلة حيفا

.

شراع الصباح - افتتاحية مجلة حيفا

الثلاثاء 16 حزيران (يونيو) 2015

GIF - 1 كيلوبايت

افتتاحية مجلة حيفا ....2005/2009

- الصباح لكم وشراعه لكم أيضا..

صباحكم جميل ومساؤكم أجمل وأسعد .... اليوم نرى مولوداً قد خطا بخطاه الأولى ، نما صغيراً وكبر معكم وعلى نبضات قلوبكم، قرَّر أن لا يستسلم لكل المعيقات ولشتى صنوف المعوقات، أن يفتح الباب وباختصار شديد ....يطلق قدميه للطريق، وها قد فعل..!! حيفا تعلن اليوم ميلاد عددها الأول، صحيح أنها قد سبقته بعدد صفري تجريبي لم تحفل كثيراً بما وسعها فيه من ضرورات عديدة تجاوزناها لأجل ضرورة الوقت وأبقيناها لوقت الضرورة، ولكنها اليوم تبدو مختلفةً جداً... اليوم هي تنتقي المادة، وهي تدقق المادة، وهي تسهر على راحة المادة أيضاً حتى النهاية، باختصار هي تعيد الاحتفاء بهذه المادة التي وصلتها صانعة لها عرساً يومياً حتى تزفها على صفحاتها أخيراً عروساً ولا أجمل.... نعم، هي تسعد بهذه الخواص القادمة إليها، محققة شروطها التي أعلنتها وكيف لا تفعل؟!

جنود (حيفا لنا ) الرائعون ، كانوا طيلة الشهر المنصرم على موعد ووعد قطعوه على أنفسهم ، أن ينتهوا من تحرير عددها الأول في الوقت المحدد، والزملاء الذين قدموا جهداً إضافيا بمراجعة المادة وتدقيقها كانوا أكثر صبراً علينا وعلى طلباتنا التي لم تنقطع، وسكرتاريا تحرير المجلة دارت كالنحلة تقطر شهداً هنا وهناك، واشتعلت فرحاً كفراشة نيسابورية وهي ترى إنجازاً جميلاً يتحقق...

نقرُّ بضعف الإمكانيات ولكنا لا نعترف بهزيمة المكنة ولا تبريرات الارادة المهتزة التي لا تنوي العمل ، كسولة إلى حد كبير، و مخاتلة ذاتها إلى أبعد نطاق ، تختنق بشروح في الواقع المعيق ، وتتمطى أكثر منها انتباهاً إلى الوقت المستهلك في هذا الشرح، وأكثر منها تقديراً للزمن المستقطع في هذا الكسل وفواتيره، ومع ذلك نحن نطمح إلى الأكبر والأوسع والأعلى، ولن نضنَّ في سبيل ذلك على حيفا بأغلى....

شهدنا إقبالاً واسعاً على أبواب بعينها ومنها شرفة البحر وسفح الكرمل في الشعر والسرد وهذا مفهوم ، ولمسنا بعض شح في أبواب ومفاصل أخرى في النقد وشئون المتابعات وهو غير مفهوم ، وقررنا أن يكون ملف العدد في شراع الظهيرة منذ الآن مفتوحاً لكل من يود المساهمة فيه لإغنائه وتحقيق التواصل دون شرط النشر في حيفا الخاص بعضوية التجمع إلا في باب الزيارة، ورأينا أن من المفيد التذكير بأن العدد الأول هو عدد اختبار وعدد افتتاح إن كان العدد الصفري هو عدد إعلان وعدد استكشاف وحوار.

ولما كنا نطمح إلى التفاعلية في حيفا فقد رأينا أن تفعيل منتدى المشاركات واجب وضرورة فأطلقناه مفعّلا سيدا ، سعيداً ً بما سيصله من تعقيب القراء الكرام والزوار الأفاضل دون شرط ولا قيد، وبحرية مطلقة ما دامت ضمن إطار ما نحاول من طريق وفي ظل ما نصبو إليه من هدف وغاية وما نحتفل به ونحفل من جو ومناخ...

ووثقنا استطلاعاً في عددنا نشكر فيه كل مشارك رائع يفيدنا في قياس الرأي العام يوضح لنا أين قصّرنا وأينَ أجدنا لو فعلنا، وينير لنا بما يفتح من نتائج دروب وآفاق جديدة نشترك فيها معاً أين نخطو خطواتنا القادمة على ذات الطريق، هذا الطريق يبقى وهذا الصباح يبقى كذلك وهذا الشراع نقدمه لكم عهدة حتى نلقاكم من جديد، فشكرا لكم على حفظكم أماناتكم وعهدكم فأنت دوماً الأوفياء وأنتم الأحبة ،،

وإلى لقاء جديد......

عن الزملاء الرائعين

- التفاؤلوجيا…..

حتما منتصرون....

مشهد لا يدع مجالاً للتفاؤل، هذا مختصر ما يدرج على لسان الكثيرين، في غير موضع وغير مقام، وكثر من هؤلاء الكثيرين على غير لسان أيضا، وهم كذلك على مختلف مستويات الأحلام والأفهام، فهل هو كذلك حقاً ؟

البعض يذهب بعيداً حتى عن مستوى التفاؤل، لعله يسير تجاه منحدر اليأس، نحن هنا نتحدث عن مستوى إحباط ومستوى شلل، وعند كل ذلك نفر لعله لم يحسن يوماً، غير أن يكون على هذه العادة، حتى غدت أصلاً ملازماً.

نعم هناك مستوىً من النار والحديد والدمار، لم يسبقه حتى الساعة آخر ، فصار بدوره الأعلى وتيرة، والأكثر دخاناً ورماداً، ونعم ثمة من ينطلق لسانه في التحليل عن عقدة الأزمة، وأزمة العقدة وما بينهما، ونعم هناك هبوط في ديناميكية الخلية العربية ليس مفهوماً.

لكن مع ذلك، فإن هناك في الجانب المقابل، ثمة من يصرخ منذ عدة قرون بقوله "اشتدي أزمة تنفرجي"، وثمة من يقول إذا فقدتم الأمل فاخترعوه..!، وثمة من يجيب بأن الأسوأ لا يمكن أن يكون قادماً، وهناك بعد ذلك من يتحفنا بصمته الذي لم يعد تحفة…!

للسياسي – وقطعا الوطني منه- أن يمارس ما يريد، ليختار الأدوات وهي بالمناسبة أدوات قاصرة، تحتاج الحيز ولا تسير دون حدود الجغرافيا والزمان، وله أن يقول ما يشاء فهو مهما علا شأنه، ليس إلا بطارية وتياره ناضب مهما اشتد..!

أما الثقافي ، فحرام عليه أن تكون أدواته محدودة، هي أدوات تفسدها الحدود ، وهي أدوات لا تحتاج تبريراً لعفتها وطهرها، وهي لا تحتاج شرعية لأنها الشرعية الوحيدة الباقية، وهي لا تنكص ولا تيأس، وهي لا تتخلى عن واجبها في شحن البطاريات هذه ، لأنها التيار الوحيد الباقي أبداً…

يأس السياسي من يأس أدواته، تشاؤم السياسي من تشاؤم انزياحاته، أما الثقافي فهو الأمل الوحيد وهو التفاؤل الدائم، هو الذي يرى الفجر من فوهة الدم والنار، وهو الذي يرى الوطن حتى على طيش أبنائه وانحرافهم، الثقافي هو الحقيقة والبقايا التي لا تترجمه ترجمة أمينة وصادقة ، هي صور مسخ أو صور غير سوية.

"لا" ،….هي ليست فقط المانفستو الثقافي الوحيد في وجه الشيطنة، فهناك معها المانفستو الروحي والوجداني والأخلاقي، المقابل الموضوعي التام لها، "حتماً"…نعم لا في وجه الشيطنة ، وحتما منتصرون في يد الملائكة، "التفاؤلوجي" أو " الأملوجي" هي علمنا وتقنيتنا وسلاحنا الكبير في يد "لا" و"حتماً" ، ونحن لن نتنازل عن أي منها مهما اسودت الأدخنة وعلت الأبخرة، ومهما صخبت رقصات الزار الفاسد من حولها…

هذه طريقتنا وهذا تيارنا ، حتما منتصرون وكل عام وفلسطين حق، فلسطين من خليجها إلى محيطها، والعروبة حق، وشهداؤها جميعاً فخار وحق، والانسانية حق، والحرية حق، والحضارة حق، و"حتما" لا تساوم ……

- الحركة الثقافية الفلسطينية "وين" ؟

سؤال وردني يبحث السائل فيه عن إجابة ، ويرى أن الوقت مناسب لهذا السؤال، ويقول فيه: ما هي التحديات التي تواجهها الحركة الثقافية الوطنية الفلسطينية ؟

لكنَّ ذات السؤال وإن بصيغة معدّلة طرح علينا مرة، ربما قبل عدة سنوات، فكان المنطقي أن نتفحص أولا في رياضة مباشرة، ما كان الجواب حينها، وإن كان ثمة من تقدم ما قد أنجز، فسيكون مفرحاً إظهار هذا الإنجاز عند الدفع بالجواب الجديد، لكن الصادم كان في واقع الأمر، ليس في مطاردة الإنجازات هذه المرة، بل بالفرار من الإخفاقات والتشظيات.!

لا أدري لماذا ذكّرني هذا السؤال هذه المرة، بأغنية المبدعة جوليا بطرس، "وين الملايين" ، يبدو أن هذه الملايين أدمنت السماع، ويبدو أن هذا الإدمان ينفع مع واقع الحركة الثقافية العتيدة أيضا، لو استعرنا هذه الأغنية واستبدلنا الملايين باسمها المبجّل،وطالما لا نواتج عن الحالة الأولى، فسيكون أقرب "للتقوى " في القياس ،عدم الحصول على نواتج في ثانيتها!!

مؤلم جداً أن تكون نواتج عدة سنوات على هذا المستوى، هي فقط الانتكاسات، رغم محيطات النوايا الطيبة، ورغم أوركسترا العزف المتصلة من كل الأطياف، والتي تدعي بأنها تغني لفلسطين، ولفلسطين فقط، والنتيجة على أرض الواقع، هي صورة لا تمكّن من قراءة "فلسطين" لا في مسار الأغنية ولا في لحنها ولا حتى في كلماتها، أوليس الأثر يدل على المسير؟! طبعا كما هو ، وكما هي دوما هو الوضع ،وكانت وستظل الرواسخ في الثوابت، والتحديات في الواقع لا تظل على مسافة ثابتة من هذه الثوابت، بل هي مع حركة التاريخ والجغرافيا والمتمدد بينهما في عامل الزمن، تزداد اتساعا وبوناً يوما بعد يوم، وتكبر وتتعاظم، بينما يظل رد الفعل ناقصا إن لم يكن في الصورة الحقيقية النسبية، يأخذ دوره في التقزّم شيئا فشيئاً على مسار التلاشي من هذه الصورة وهذه المعادلة.

نعم كانت التحديات الحقيقية هي أن تكون هذه التي يسأل عنها السؤال ، ليست مجرّد فزعة عرب، ولا هبة فجائية ، بل أن تكون فعلاً حركة…… وأن تكون ثقافية بالمعنى الأصيل للثقافة، بالمعنى الواسع الفاعل والمنفعل، بالمعنى الانفتاحي والمحافظ على ركائز البوصلة، في ذات الوقت …. وأن تظل فلسطينية ، فلسطينية البصمة، نعم هنا مربط الفرس، "الوطنية الفلسطينية" هي تلك الصيغة الوحيدة، المعلومة والمقبولة عند شعب عظيم، مثل هذا الشعب الذي هو ليس فقط أكبر من قادته، بل هو أكبر حتى من حركاته ومؤسساته ومنها التي تقول عن نفسها أنها "دينية" أو ثقافية" سيان….وحينما تكون هذه "الوطنية الفلسطينية حقيقية وعاملة"، فنحن لن نحتاج صيغ الفذلكات التنظيرية من نمط "العلمانية" أو من نمط " التأصيلية" ، لأن هذه الصيغة عاشت قروناً وكانت هي المنجز الحضاري الجامع لهذا الشعب العظيم… وفقط عبر هذه الصيغة، التي يجب أن تكون في ذات الوقت صيغة أي حركة ثقافية فلسطينية، سيمكن ذلك من أن تجسّد هذه الحركة وحدة واحدة، ولحمة واحدة بين جناحي طائر الفينيق ……

هذه هي التحديات في ظل الركود ،والسكون الكبير ،وحالات الانتظار ،والقلق، قبل الانتظار ،وبعده ،في انتظار جديد….

استلاب النابض ،من جملة المشهد ،هو التحدي الأول ،ولا بد من إعادة وضعه في مكانه الصحيح،…..

إن هذا الفعل ، هو واحد من شروط حياة حقيقية لحركة ثقافية فلسطينية ، وهو لن يترك فقط أثره على الحالة الفلسطينية بل سينعكس حتما على الحالة العربية كلها..

إن عبئا أساسيا ومركزيا يقع على كاهل هذه الحركة الفلسطينية ، ولا يجوز التذرع أبدا بمنطق خصائص المحيط الساكنة ، فضلا عن أن الانجرار لهذه الخصائص الآنية ، هو جريمة فعلية من الدرجة الأولى. أما عن ضرورة تأصيلها الثقافي فهو الضامن الرئيس لعدم إلحاقها بالمتحوّل ، وتجذير خواص الثابت فيها….

الثابت الذي يجب أن يبقى ، حارسا أمينا للحلم الفلسطيني والعربي ، لأنه عادل ، ولأنه إنساني، ولأنه حضاري، هكذا بعيدا عن التجريب، والطفرات، والانبعاثات التخليقية ، والتي يمكنها أن تنفرد بالتشظية ، وعناصر التدمير الكلية ، كما يمكنها أن تعطّل كل أدوار الحماية في ذات الوقت ….

غير صحيح أن مصير هذا الوطن، بيد نفر من خارج قلاع الثقافة الوطنية ، بل الصحيح أنه بيد ثقافة هذا الشعب الأبي، الذي لا زالت معضلة أعدائه الرئيسة، في كيفية انتزاع هذه المورّثات الثقافية الفعّالة ، من بين جنباته والتي تكفل لطفل فلسطيني يولد في تشيلي وآخر يولد في الدنمارك وثالث في القدس الأغلى، أن تبقي ملاكا فلسطينيا حارسا فوق كتفيه باتجاه فلسطين …..

لا يوجد مؤتمر ولا مؤامرة في هذه الدنيا ، تستطيع شطب القضية الوطنية الفلسطينية بكل أبعادها، وخصوصاً الثقافية منها، فلماذا الركون إلى أدوار " إلحق ْ " ومهمات الزفة الكذابة، بينما هناك أدوار حقيقية مهملة ولا صاحب لها بعد أن تخلى عن "ثغرها" حارسها؟

هل استطاعت كل معادلات المتحوّل أن تستأصل هذه الجينات ؟

قل لي أنت ! هل استطاعوا ذلك ؟

قطعا لا…… ولذلك بقيت القضية وستبقى ما شاء الله، لأنها هي المعركة الحقيقية ، وفي الانتصار بها ، تكمن شروط الانتصار في المتحوّل ، لأنها فعل مع الزمن، وما يحاول النيل منها ، يعمل ضد الزمن ، ويمكنك تصوّر النتيجة التاريخية والانسانية الدائمة لهكذا معركة……

أما أن تبقى فلسطينية ، فهذه مسألة ستكفلها شروط نجاح الشقين الأوليين ، في أن يعملا بنشاط، وهي ناتج لحركتهما وعملهما الحيوي لأنها الرئة التي سيتنفس منه هذا المركب الحضاري المنتصر…..

لكل مبدع حقيقي فلسطيني، شاعراً ، أم كاتباً، أم روائياً، أم فناناً تشكيلياً، أم فناناً درامياً، أم موسيقياً، أم مفكراً، أم ما شئت، نقول: كن فلسطينياً أولاً، ستغني لفلسطين ثانياً، وستنتج عنك "حركة ثقافية فلسطينية حية وقوية" ، وشروط الفلسطينية معلومة ولا تحتاج تنظير ولا إعادة تعريف، أي منظر لأي عرس شعبي فلسطيني في أي قرية فلسطينية، هو صورة هذه "الوطنية الفلسطينية" وشروطها الناجزة……….

- «ياد فاشيم» الفلسطينية ورواية التاريخ بين الضحية والجلاد …..!

تقوم الرواية الصهيونية في موضوعة المحرقة اليهودية" الهولوكوست" ، على أساس ما قدمه قائد قوات الأمن الألماني الخاص بالرايخ الثالث ماينريخ هملر، من حل لمشكلة رأس المال اليهودي في ألمانيا وعموم أوروبا، وهي تلك الفكرة التي أسماها بنظرية "الحل النهائي"، والتي على أساسها تم سوق اليهود من غيتوات أوروبا وأشهرها جيتو وارسو البولندية إلى معسكرات الاعتقال النازية المختلفة، والتي من أهمها معسكرات أوشفيتز وتربلينكا في اربعينيات القرن الماضي.

الهولوكوست ومقابله في العبرية " شوءآة" أقام له الكيان الصهيوني مؤسسة في مدينة القدس الفلسطينية المحتلة، هذه المؤسسة المسماة " يادفاشيم" ، والتي أيضا أخذت معناها من التوراة ومن سفر إشعياء، حيث ( ياد : نصب) وحيث ( فاشيم :الاسم) ، يحتفي بها الكيان الصهيوني في فلسطين السليبة أيما احتفاء، وهو يسعى إلى جعل كل زائر لفلسطين مشروع مطلع على ما في هذه المؤسسة، وعلى ما احتوت من معلومات وأسماء.

الحقيقة التاريخية عن مسألة "المحرقة اليهودية"، ليست قطعية الثبوت على النحو الذي تريد أن ترويه مؤسسة " ياد فاشيم"، ولكن ذلك بالقطع لا يعني أن العنصرية والممارسات القمعية النازية لم تكن موجودة في أوروبا على يد الرايخ الثالث، وهو أيضا يثبت بما لا يدع مجالا للشكّ أن الأعمال الإجرامية والقتل على العرق" جينوسايد" قد تم فعلاً على أيدي الرايخ الثالث وأدولف هتلر، ليس بحق اليهود فقط، بل بحق عدد كبير من الأعراق التي تعرضت لهذا العمل الهمجي البربري المدان حكما، صحيح أن الذي يبقى هو كم كان عدد الضحايا وبأي طريقة تمت عملية القتل هذه؟! إلا أن ذلك لن يخفّف من هول هذا الإجرام العنصري بالكلية.

"يادفاشيم" تحتفي بقول جورج سانتايانا في مقدمة ما تقدمه عن نفسها في المواقع الاليكترونية ووسائل الاعلام، ذلك القول الذي استعارته يقول فيه: " الذين لا يستطيعون تذكّر الماضي، محكوم عليهم بتكراره" .

ثمة أسئلة كبيرة في هذا الإطار، ليست من النوع التاريخي أو النوع السياسي المحض، بل هي بالقطع من النوع الفكري والإنساني العام، إنها أسئلة تتعلق بالضحية والجلاد، إنها أسئلة تتعلق بنزوع الضحية إلى تقليد جلادها في أقرب فرصة، إنها أسئلة تتعلق بالكذب والخديعة،وهي أسئلة تقود إلى استخلاصات غير جامدة في مسألة ثبات الحق التاريخي في تمثيل الضحايا!

الحركة الصهيونية التي استغلت موضوعة جرائم النازية المدانة في أوروبا، ليس فقط بحق اليهود بل غيرهم من الأمم، سعت مع تضخيم هذا العدد وهذه المسألة، إلى توظيف ذلك في إكمال مخططها ومشروعها الذي أبرمته مع الاستعمار الكولونيالي الغربي، في أن تكون وكيلا له وذراعا من فلسطين والأرض العربية، عبر قصة توريث مجموعة من الخرافات الغيبية التي لا تنهض سببا لاستملاك ولا لادعاء، وهي إنما وظّفت عذابات هؤلاء وموضوعتها "الضحية" بشكل عام، أياً كان طبيعة التركيب الرقمي والنوعي التصنيفي في هذا الواقع، لتسريع تحويل وارث مفترض لعذابات هذا "الضحية" إلى مشروع "جلاد" قادم، دون أدنى وازع من خلق أو ضمير أو إنسانية.

الذين أثبتوا هذا القول لجورج سانتايانا، يبدوا أنهم فعلا يعجزون عن تذكّر هذا الماضي الأليم والذي أقاموا له " يادفاشيم"، لأنهم باختصار وبالإضافة إلى أركان أخرى بدأت منذ اللحظة التي قررت الحركة الصهيونية فيها، استغلال عذابات هذه "الضحية" في مشروعها الكولونيالي الجديد والمصحوب بنمط الاحلال التفريغي السارق والعنيف، هؤلاء الذين ارتكبوا مذابح القرى الفلسطينية المختلفة، هم أنفسهم الذين بدْوا مشروع تحقيق أركان "الحل النهائي" مجددا ضد الشعب العربي الفلسطيني، وأيضا انطلاقا من ذات الأسس العنصرية البغيضة والمجنونة.

الحصار وتعبيرات العنصرية المختلفة والاجرام الذي يمارسه اليوم " وارث الضحية المفترض" ، والذي لم يكن لنا ذنب في أن يكون هو ضحية، ولا كان لنا ذنب أيضا في أن نكون له اليوم نحن ضحية، هو دور الجلاد بامتياز.

أركان "الحل النهائي" الجديد ، والذي يسعى إليه الجلاد الجديد من أجل "هولوكوست فلسطيني"، عبر الموت جوعا وبرداً ومرضاً مع القنابل والدمار، وعلى ذات الأسس العنصرية البغيضة، من أجل "جينوسايد" جديد، صارت متوفرة وبعدة أمثلة تفوق عشرات الآلاف، وهي حية في اليوم المعاش، وليست قضية إشكالية تاريخية حيث لم تجف دماؤها بعد!

الحل النهائي الجديد بدء بكذبة السامية واللاسامية بحق أهم مكوّن للسامية التاريخية وهم العرب، ولن ينتهي بقصص الخديعة في مسألة الديموقراطية والحرية ويهودية المشروع المسروق، والذي يهدّد في واقع الأمر بعودة إلى ما قبل الحضارة البشرية الحديثة بمراحل، حيث قانون الغاب.

العنصرية الصهيونية فاقت العنصرية النازية بعدة مراحل، فالعنصرية النازية لم تدع وطناً من شعب آخر، لقد كانت تطلب غرضاً وظيفيا سياسيا في مراحلها ، أما العنصرية الصهيونية فقد أضافت الكذب في الرواية والتزوير وسرقة وطن وإعدام شعب.

الذين يلومون التاريخ على تيههم يوماً نتيجة لخياراتهم الخاصة، يقومون اليوم بدفع شعب بأكمله نحو "التيه الحضاري" في القرن الواحد والعشرين، ويدفعون بالمرضى والجياع والأطفال إلى الصحراء دفعا، فيما هو ليس خياراً لهم ولا هو نتيجة ذنب سوى أن يكونوا اختاروا الحياة في وطنهم، هذا هو الجواب الأوضح حول سؤال من يقرأ التاريخ ومن يتذكره فعلا؟

وارث الضحية وعذاباتها اليوم الحقيقي ليس الجلاد وزمرته، ليس الكيان الصهيوني ولا عصابات القتل فيه، وارث هذه الضحية هو الضحية الجديدة، وارثه الحقيقي هو الشعب الفلسطيني الذي يقف جلاده العنصري البغيض اليوم يمارس عبر الجدر العنصرية والغيتوهات ومعسكرات "غزة" و"الضفة" و"القدس" الطريق نحو الهولوكوست الفلسطيني، هذا هو الوعي بقراءة التاريخ وتذكره جيدا، اليوم نحن نرى الطريق إلى تربلينكا وأوشفتس عبر الطريق إلى غزة والضفة.

ونحن أحق الناس اليوم بمؤسسة " يادفاشيم"، سنضيف لها جزءً آخر فلسطينياً، ليس عند ضريح الرئيس الشهيد أبي عمار، وليس على أسوار الجدار العنصري أو سياج غزة، ولكن سنضيف طابقاً آخر في يوم قريب فوق ذات المبنى، لنروي للتاريخ كيف يتحوّل ضحية ما إلى جلاد أصعب مع نكهة الظلم التاريخي في هذا التحول حيث الضحية لا ذنب لها إلا إنسانيتها وبراءتها!

- للشمال القصي : في الرسوم والسموم ….

ما يحدث في بلاد الشمال الأوروبي مثير، ومع أن هذا الشمال تحديداً لم يكن يخرج من غطاء الصقيع إلا ليدخل في بيات الجليد، ولم يشهد على أي حال تلك الحركة التي يمكن أن تذكر يوما، لا على صعيد تنوير العقل في المحتوى الفكري، ولا على صعيد تطوير النقل في الأدوات والطرائق العلمية، ولا هو بذلك الكنز الحضاري الذي يمكن أن يشار إليه، ولو من فضل ما يذكر في محضرِ الأمم صاحبة الباع والبصمات على أدب أو علم أو فن.

شمال بارد لم يحسن غير ادّخار الزيوت والتوابل، كان ملاذا للفارين من معارك الأرض الأوروبية العديدة تاريخيا، حيث هي الأقرب إلى المحيط المتجمد والعطاء المماثل ، وغير بضعة حرف ومهن خاصة جلُّها في الزراعة وتربية الأبقار، لم تنتج بلد مثل الدنمارك يوماً، ولا وقفنا على تميّز لها فاقع يمكن الركون إليه، حتى أن السفارة العربية القديمة التي ذكرتها الكتب العربية إلى تلك الديار، وأنتجت فيلما سينمائيا، لم تحسن أن تخفي طبيعة الهمجية والتخلّف الذي كانت عليه تلك البقعة وهي تتغذى بالخرافات والأساطير.

ورغم أن مساهمة هذه البقعة من العالم كجزء من أوروبا، في تلك النهضة العمرانية والمدنية الحديثة ليست بذي بال كبير، إلا أنها نعمت بمعظم نتاجات عصر التنوير والحداثة، بل لعلها نعمت أيضا بالنأي عن المحارق الكبيرة التي تعرّضت لها هذه القارة على أيدي أبنائها ردحاً من الدهر، اختتمته بحربين عالميتين وعدة حروب أهلية، وبقيت سليمة الأدمة وبعيدة التأثّر بل والتأثير أيضا عن مجرى هذه التحولات وما صاحبها من اصطراع الأفكار والإرادات.

لكن هذه الدنمارك مثالاً اختارت منذ عدة شهور، أن توغل في خطوط العبث البهلواني على غير عادة هذه البلاد من الرقص الصامت والحركة الموضعية، وولغت في سؤر لم يكن يوما من طباعها أن تصنع معه وفيه، فهي بلا شك لم تكن مستفيدة من نتاج الحضارة والعمران الأوروبي فقط، بل إن الشواهد التاريخية تذكر أنها استنارت على الأقل بما حمله إليها أقدم العرب والمسلمين في سفاراتهم ورحلاتهم الاستكشافية، فهي لا بد على اطّلاع بطريقة أو أخرى على روح هذه الحضارة العربية الإسلامية التي كانت واحدة من أهم أسباب وصول أوروبا الحديثة إلى ما وصلت إليه تاليا، عبر بوابة تلاقح الحضارات وتكاملها وتواصلها، فكيف تدير ظهرها لمعلوم من الروح بالضرورة، إلى لبس في الشكوك والظنون المستخدمة في مواد البروبوغاندا الإمبريالية العدوانية ؟!

أزمة هذا الفعل الدنماركي، وأزمة هذه الرسوم الدنماركية، لا تبدأ البتة كما يحاول الآخرون إظهارها، ولا كما تبرّع الوزير الألماني مؤخراً لحض صحف بلاده والبلاد الأوروبية، على تقليد خطى الصحف الدنماركية، بل إن أزمة هاتيك الرسوم تبدأ مع هذا الخلل في طبيعة هذه الديار، وطبيعة هؤلاء القوم أنفسهم، إنها أزمة وجدانية عميقة يحسن بهم أن يتوقفوا عندها مطوّلا قبل أن ينحدروا من مرتفعات أراضيهم، إلى الوحل الذي لم يشاركوا في صنعه أوروبيا في فترة سابقة على الأقل.

لا نعتقد أن توصيف هذه الرسوم " بالمهينة" سليما على ما يقصد منه، فالإهانة لرسول الله عليه الصلاة والسلام - تنزه عما يقولون- لا تلحقه إهانة قط، لا برسوم الدنمارك ولا بعدوانية أو سوء خلق أو فساد طوية، فقد نزّه الله تعالى نبيه ومصطفاه عن هذا وكفل له حماية السماء في دنياه وفي غيبته، بل إنه أعطاه ما لم يعط من أنبيائه وأوليائه قط، وهي أيضا لا تلحق بالإسلام نفلا من قول، ولكن الإهانة الفعلية في هذا التوصيف،إنما يلحق صانع هذه الرسوم ومروجيها والفرحين بها والساكتين عليها، وهو بهذا المفهوم فقط يتم التعامل معه والنظر إليه، وكم من كلمة قبيحة لحقت ملقيها قبل أن تخرج من بنت شفة!

إن النظر إلى هذه الحملة لا يتم إلا بإحالتها إلى مرجعيات ثلاث: الدينية والفكرية والسياسية، فهي لم تعد تحتمل فكرة الاجتراح الفردي عقب الإصرار عليها، ولا هي بقيت ضمن فكرة رد فعل خاطيء نحو خوف متوقع، وذلك مع دعوة الوزير الألماني القبيحة التي لم يتورّع عن بثها، ولعل هناك من سيلحق وقد نعلم أمره لاحقا، وعليه فإن مسألة اليقين من أنها خرجت من مظلة الفردية إلى ساحة الجماعية، لا تقبل في المنطق إرجاعاً وإحالة إلا لهذه المستويات جميعا أو واحدة منها.

فإن كانت محالة إلى العنصرية في الدين، فإن الإسلام ليس مجابهاً لهذه العنصرية ولا هو بمستعد لعنصرية العقيدة، أليس هو القائل "لكم دينكم ولي ديني" ، بل إن الإسلام لا يحسن دون أن يكون المسلم قد أحسن العقيدة واحدة تامة من شروطها إيمانه بالرسل والأنبياء والكتب المنزلة من قبله، وهو بذلك لا يقدم إلا الحسنى، فهل من منطق الأشياء في شيء أن يقابل بالنكران والعنصرية الحاقدة عليه وعلى قوله هذا؟

وأما إن كانت جملة من مناشط الفكر والرأي، فإن الحرية الفكرية والتعبيرية أيضا، لا تكون قيمتها بانفلاتها من عقالها، فحرية الإنسان مهما علت نطاقا واتسعت ميداناً محكومة بناموس هذا الكون وقوانينه، فإنما حريته حتى حدود هذا الكون، "لا تنفذون إلا بسلطان" ، وإن كان سلطان العلم المورث تواضعا للعلم ذاته وللعلماء على طول مسيرة هذا الدرب العلمي، أفلا يكون هذا الإنسان محكوما بفوق التواضع أمام حدود هذا الكون الكبير، ثم هو آنذاك خاضع حسير ذليل أمام خالقه ومدبّره، فأي حرية تترجم معنىً خارج النظام القاسر الجبار؟!

وإما إن كانت من السياسة، فأي سياسة جوهر ما ترمي إليه حماية مصلحة العباد والبلاد، تنشط في محاربة مليار ونصف من البشر؟ وهل مثل هذه السياسة محمولة على غير سياسة الانتحار وسياسة حرب طواحين الهواء، لو تجرّأت أمة غير هاتيك في أوروبا وأمريكا وفعلتها في أقلِّ من هذا بكثير!

إذن لا منطق في صلب هذه الحملة، إلا أن تكون خلطة شيطانية من العنصرية والبغضاء ، تقف من خلف رواجها، وتسعى إلى إدانة أهل الإسلام وتحقيرهم والتحريض عليهم، جزءً من منظومة فعل مجانين المحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية التي هي على طريق الأفول، وهي بهذا تصبح مجرّد فقاعة محتقرة من هذه الفئة ومن يناصرها ويدعمها أيا كان لهج لسانه وأيا كانت صبغة أديمه، وفي هذا السياق لا تصبح فقط مجرّد بضاعة كاسدة في سوق الدوغمائية والبروبوغاندا الشريرة، بل تصبح مثالاً آخر على اللاعقلانية واللامنطقية وغذدواجية المكيال والمعايير التي ابتلي بها العالم، منذ عصور الاستعمار الغابر المقيت وحتى عصر العولمة الليبرالية الجانحة إلى الشر المطلق.

في الوقت الذي لا تسمح فيه هذه الجهات ولا من هو خلفها، مجرّد البحث العلمي والتاريخي في مسائل هي ذنوب أوروبا وأمريكا ذاتهما، من مسألة الهولوكوست وخرافات وأساطير الأعداد والقصد فيه، إلى استعباد الأفارقة "الزنوج" ردحا من الزمن بعد إبادة الهنود الحمر بالكلية، واغتصاب حقوق وثروات الآخرين من الأمم وتعتبرها خطوط حمراء، تسمح لنفسها هذه الزمرة الخارجة من عقال المنطق والخلق وهي تبشّر بنهاية التاريخ وصراع الحضارات وموت العالمية في التنوّع كما خلق الله الكون عليه، لصالح عولمة مجرورة من عنقها كالدابة الجرباء على لون تراه هي الذي يجب عليه أن يكون الحال، تسمح لنفسها بتقصّد الآخر في العداء واستجلاب مشاعر العداء والكراهية استجلابا حتى توفر لحروبها الملعونة ، عقب انتهاء تناحرها مع المنظومة الشرقية الاشتراكية، زيتا جديدا ومادة جديدة لتحقق شرط بقائها الوحيد فوق أعناق شعوبها.

وفي الوقت الذي تدين فيه منظومة العلم والدين والقيم والفكر السويِّ، مثل هذه الخزعبلات التي بدأ سيلها بالانهمار في هذا الكون، تجد هناك من يدعو إلى عنصرية بغيضة وحقد أسود وينادي بتحقيقه علنا، وتجد من يستعير مفردة ترتعب لها فرائص الأوروبيين إذا ما ذكرت تحت وقع الخوف من سيف تهمة السامية الكذبة التي صدقها مطلقها قبل أن يصدّقها سامعها، وتجد من يستمع بكامل قواه وسمعه ويشاهد ملء بصره تطبيق هذه التهديدات المسعورة ضد المدنيين والعزل في فلسطين بحق أبنائها وشعبها، حارقا الأخضر واليابس ومستهدفا الحجر والبشر، مطبّقا بوقاحة ما يعلنه من تدشين محرقة وهولوكوست أشد وأعتى بحق الشعب الفلسطيني، وهو لا ينبت ببنت شفة!

هذا هو فيصل النظر في شأن هذه الهمرجات الحقودة المنفلتة من عقال الخلق والمنطق، لا تجري لصالح مسيحية هي أعلى قدرا وأرفع شأنا من أن يزعم أحدهم دفاعه عنها، هذا إن سلمنا أن هنالك من يتقصّدها من الإسلام وهو إن فعل وتجرأ ليس من الإسلام في شيء، بل إنما هذا الدين العظيم هو الذي أنشأ دوما وبالتحديد خطوط الدفاع وحفظ حقوق الديانة المسيحية أينما حل، وللعهدة العمرية في بيت المقدس وما حفظه صلاح الدين الفاتح عقب حروب الطحن الصليبية الهوجاء، وما قام على حقه شعب فلسطين وبقية الشعوب العربية والمسلمة في استضافة أهل الأديان والإحسان إليهم، لهون خير دليل على أن ليس هذا من مسلك المسلمين الصادقين في شيء، وهو يكشف أيضا درجة ذهاب المرؤة عند من يزعم غير هذا، فهل جزآء الإحسان إلا الإحسان؟

بقي أن على هذه الأمة أن لا تفزع فقط للذود عن حرمة سيرة نبيها ومعتقداتها، بل إن عليها قبل ذلك وبعده أن تنتبه إلى حرمة دمها المسفوح ليلا نهاراً، وأن تنتبه إلى مقدساتها المضامة في القدس الشريف وهي تستهدف يوميا بالتحفير والتدمير، فهو أدعى لها أن تري غضبتها لنبيها ودينها ومقدساتها، في وجه المفسدين والفساد في الأرض.

- في يوم الذاكرة - صباح الخير وحيفا لنا يا فلسطينيي الجذور والجسور والعبور…..!
هو الصباح برغم كلّ عتمة….. وهذا شراعه برغم كلِّ مشقة…. وهذا هو المعنى الوحيد المفهوم ، وما عداه مجرّد كلام ….

وحينما يكون هذا الصباح، لهذا اليوم الخامس عشر من أيار، فإن له معنىً آخر مضافاً…

الخامس عشر من أيار، كان يراد به أن يكون مفتتح العتمة الأبدي، للشعب العربي الفلسطيني، وللأرض الفلسطينية، ولما بقي لديهما من حق وإرادة وذاكرة.. .. الخامس عشر من أيار، الذي أريد منه أن لا يكون هناك يوماً مثل هذا الشعار الذي نكتب بقوة " حيفا لنا"…. الخامس عشر من أيار ،الذي أريد له أن يكون آخر خامس عاشر منه، تنطق بها كلمة "فلسطين"… فما هي النتيجة ؟!

اليوم هو صباح الخامس عشر من أيار، صباح جديد بعد تسعة وخمسين عاماً على الحكاية، ومع ذلك فإن الصباح موجود، والحق مطلوب ومثبت، والإرادة لا زالت صلبة، والذاكرة هي هي حية ومنتعشة، وحيف ويافا واللد وعكا مثل القدس ونابلس وجنين والسبع، لنا لنا مهما طال الزمان، وفلسطين تأخذ طريقها إلى عرشها من جديد، بقوة أمشاج أبنائها وبناتها….!

ماذا حققت العتمة وأيدي العتمة؟ غير استهداف البشر والحجر والشجر، التدمير والقتل والنسف، التقطيع وبناء الأسوار وتجفيف الأنهار، باختصار وحشية على الجغرافيا، ووحشية على الإنسانية، هذا ما تحسنه ..! وهو متوقع بالطبع، لكنها سقطت في التاريخ، والتاريخ أفعاله ليس فقط كان…بل أهم أفعاله ما سيكون!

النظرية الصهيونية بكل هيلمان الإخراج، والإنتاج ، والمونتاج، والرعاية، والدعاية، في حصار…! نعم في حصار وإنكماش، وهي ما قبل السقوط بخطوة أو خطوتين…

هل من الممكن أن يسقط هذا الوحش رغم عضلاته الآلية الهائلة؟ نعم يسقط وتلهو به دودة الأرض، لأنه سقط من داخل أركانه، وترنح في داخل كيانه، وأصبح غلاف الكتلة مجرّد بالون فارغ، والنتيجة قادمة….

حيفا لنا نحتفل بها كما نريد، ويافا لنا نغني لها كما نهوى، والحروف التي كتبت بحبر العتمة لا تبقى ويغسلها صباحنا العنيد، نحن لا ندعو ليوم لطم وعويل، ولا ليوم حسرة وشق جيوب وقلوب، نحن الفلسطينيين، في كل مكان، ندعو لبقاء الذاكرة، ليس يوم النكبة ، لكنه يوم الذاكرة، هكذا اسمه، وأهلنا في فلسطين ، ليسوا أقلية ولا هم بالأرقام يسمون، لا هم الثمانية والأربعون، ولا هم السبعة والستون، هؤلاء في الداخل الساحل، هم " فلسطينيو الجذور" هذا اسمهم، وهذا فعلهم ، وهذا صمودهم، وهذا نضالهم، ومن يليهم هم "فلسطينيو الجسور" ، وهذا هو دورهم ورمزهم، ومن في كل الدنيا، لهم اسم واحد عندنا" هم "فلسطينيوالعبور" ، وكل عام وحيفا لنا…….

- أيارنا قادم ….

آذار هو الشهر الثالث، تحتمله الذاكرة موعدا لتفتح أزهار الأرض ، ليس فقط لوزنا الفلسطيني هو الذي يتفتح في آذار، فعند الأمم والشعوب الأخرى ثمة لوز خاص بهم أيضا، وموعد تفتح أزهاره في آذار، راقبنا زهرة (الساكورا) اليابانية وهي تتفتح في آذار، تماما بيضاء ندية مثل زهرة لوزنا الفلسطينية المتفتحة في ذات الموعد وذات الميعاد، ومثلما آذار هو شهر التفتح ، هو أيضا شهر لتذكّر هذه الأم التي أنبتت وأخرجت وكافحت، وهو موعد مع العطاء الكبير حينما لا يقفل بابه إلا معلنا موعداً أكبر للأم الكبرى، ليوم الأرض الذي أيضا يحل في آذار.

وإذا كان آذار هو موعد الأرض بكل ما تحمله الصورة من دلالات، فإن نيسان الذي أراده البعض مفتتحاً بيوم (الكذبة البيضاء) الوحيدة، عندنا له طعم آخر، إن نيسان المنتظر في باب استلام الموعد من آذار، هو شهر الإنسان بلا منازع ، وليس عجيبا أن يكون موعد منتصفه وتحديدا السابع عشر منه يوماً لأسرى الحرية ، هذا شهرهم وشهر استذكار قاماتهم العلية ،ونفوسهم العظيمة ،وكفاحاتهم العظيمة، في فلسطين هو شهر أسرى حريتنا ونضالنا وكراماتنا، ليس فقط بتلك العناوين الفلسطينية ، بل بآفاقها القومية والإنسانية جمعاء، نيسان ليس شهرا للتوابل ولا شهرا لكرنفالات الفرح فقط، بل هو شهر لكرنفالات الحنين.

بين آذار ونيسان نجد كل عام فسحة لاستذكار ماهية الإرث العظيم الذي يحمله هذا الشعب الأعظم…وبين آذار ونيسان نقف كل عام لتجديد عهد وقسم ووصية…لمن بقي بعدنا ولمن سيأتي بعدهم…

فلسطين لن تخرجها قوة في الأرض مهما بلغت من وجدان هذا العالم ولا ضميره، مهما قسا الوحش ومهما تكالبت الأكلة، وفلسطين لن تمحو ذكرها ولا ريحها قوة في التاريخ ولا في الجغرافيا، وكيف يمكن أن تفعل وهي تمتلك

آذارها ونيسانها كل عام !

أقسى ما يتلو آذار ونيسان في دورة الذاكرة هو أيار…

هذا الخارج من تناغم اللحن العظيم مطلاً بقناع الوحش وسياطه اللاهبة …

كنا سنحبك يا أيار ،لو لم تحمل لنا خبر هبوط منسوب الانسانية في هذا العالم إلى ما دون الصفر بقليل…

كنا سننتظرك يا أيار، لو لم تكن فاتحة عذابنا وآلامنا وتشريد أوتاد خيامنا في الأرض….

كنا سنحبك يا أيار، لو لم تزحف علينا صبيحة يوم مشمس بجراد الأرض واخطبوط الغدر….

مع ذلك يا أيار، سنحب أن نتحداك من جديد مادام فينا عرق ينبض ونسل ينفذ ، موعدنا أيار آخر ….موعدنا أيار فلسطيني نستل شمسه من جراحنا وعذابنا ومن صبرنا الأعظم ….موعدنا أيار آخر تكون له عينا شهدائنا وفرساننا …موعدنا أيار آخر يشرق من جبين زهراتنا وأشبالنا …موعدنا أيار آخر تطبع فيه الحبيبة قبلة على جبين كوكبها في رحلته مع رفيق الطريق ….

موعدنا أيارنا في قدسنا وحيفانا ويافانا….نقيم فيها أعراس الثقافة العربية والإنسانية كيفما نريد، وإذا كان العام 2009 عاصمة ثقافة عربية من القدس اغتالته يد العدو الصهيوني قبل أيام في مداهمة موعد إطلاق شعاره، وقبل أن يأتي العام 2009، فإن أيارنا الذي لن تصله أيدي الظلاميين والنازيين الجدد وكارهي أنفسهم والعالم ، لا بد قادم …

إلى ذلك نحن أقوى من جبروت أياركم الذي لن يطول ….لن يطول …لن يطول ….

- عام الرحيل .....

الرحيل ليس هو السفر على أيِّ حال لا في فقه الدلالة ولا في واقع الحالة ، فالسفر مقصود وله عنوان الوصول كما كان له دافع المغادرة وسبب النهوض إلى الركائب واعتلاء ظهورها ، لكنَّ الرحيل شيءٌ آخر تماما مختلف الطعم والنكهة وخاصُّ الطقوس إلى حدٍّ بعيد ، وفيه من الجبر أكثر مما فيه من الرغبة والاختيار ، ويحمل طابع الاستعجال أكثر مما يحمل سمة الرويَّة والخيار، ومهما حاولت فيه يبقى قاسيا وعنيفا وصارخا إلى حدٍّ كبير ، هذا هو الرحيل الذي تقوله حروفه أكثر من أيِّ شيءٍ آخر، برائه الهادرة القوية الصلبة العنيفة وحائه الحنون العطشى والموغلة في الألم ويائه الممتدة طويلا طويلاً بين المحطات والمواقف والقوافل ولامه المنهية جدول المواعيد وأجندة الحركة بدخول ٍ ليِّن ٍ إلى النهاية ْ !

تقول القصيدة " راحلٌ أو راحلان ....." بيد أن السنة الماضية وهي الثالثة من القرن الثالث للميلاد تقول شيئا آخر وتقرِّرُ أشياء أخرى ، نعم مضى عام الرحيل مغبرّاً وصاخباً وعنيفاً في جلبته ووحش رحيله ، ابتدأ مستلماً من عام قبله بمصطفى الحلاج ونثر عبره الكبارَ الكبارَ من إحسان عباس إلى إدوارد سعيد فمحمد القيسي فحافظ الجمالي فمحمد شكري فرسول حمزاتوف ففدوى طوقان وقرّرَ قبل أن يغيب أن يأخذ معه راحلا آخر هو الرائد أحمد صدقي الدجاني ، رحيل متصل ومقلق في تصميمه ودمويته ، ومحق أن يبرز السؤال وتبرز المخاوف بصدمة هذه الرحيلات المتصلة كما طالعنا مقالَ الأديبة ريما محمد في الحقائق مؤخرا وهو الذي عنونته بفاجع الصدمة " حتى لا ينقرضوا ....." .

هناك المبدعون الذين رحلوا عن لسان الضاد وهناك الذين رحلوا عن غير لسانها ولكنَّ المفجع أن نسبة راحلي الضاد كانت أكبر وأكثر فداحة ، ومن ضاد هؤلاء كانت نسبة أبناء الزيتون هي الأعلى وهم يسجّلون رحيلهم واحدا تلو الآخر في كلِّ العواصم وفي كلِّ المحطات ، حسنا هم رحلوا من الرحيل ذاته بعد أن طالَ رحيلهم واستقروا بعيدا عنه ولو لمرة واحدة ، أناخوا ركبهم أخيرا وصرفوا جمّالهم وأقاموا ظعنهم ، ترى هل انتقموا من الرحيل بهذا ؟ كانت منيتهم هذه الشجرة وهذا الوطن الذي سكنوه في رحيلهم مثلما سكنهم ، أما قال درويشنا ذلك ؟! نعم ....هكذا كانت أقدار الرحيل سواء وكانت محطة الوصول تائهة في عنوان الشوارع ولكنها واحدة في عنوان المواجع .

لهذا العالم في الرحيل حزن واحد وأسىً واحد ولنا فيه حزنان ولنا فيه ألمان و وجعان ، وجع الرحيل ووجع الارتحال فإلى متى بعد ذهاب جيلين لا نزال فيه الفرسانَ الكبار وأصحابَ السهم ِ ؟! ترى هل اختارنا الرحيل لنصنع على عينه ؟! نصف شعبنا راحل ونصفه مرحّل وتبقى السنون لا أكثر من شاهد زور ، قالوا عصا الترحال ...لا لم تعد عصا بل أصبحت شوكة الترحال وبقي نزفها الذي لا يرحل ، سجّل العالم رحيل آلافنا كلَّ عام ولم يستطع أن يقبل وصول واحد منا ..، أيُّ عبثية وأيُّ ظلامة ؟! ومع ذلك لن ننقرض ولن نيأس ، ونبقى مصرِّين على اختصار الرحيل في غاية الوصول مهما كانت قسوة الطريق ومهما اشتدَّ عنفُ الحريق ، فالمسألة تساوت مع البقاء أو الانتفاء .

وإذا كان الرحيل الفيزيائي هو رحيل أجساد أحبة وبقاء أرواحهم وفكرهم ونبضهم الإنساني والإبداعي فهو رحيل لم ينتصر علينا ولم يحقِّق إسدال الستار طالما بقي ما خلَّف هؤلاء ويد تصون وذاكرة تسجِّل باحترام ومحبة ، وحينما تكون هذه الوصية نافذة لا يملك التاريخ إلا أن يقف منتصبا خاشعا بين يدي هذه الأمم التي تبقى على وصايا راحليها دون تلكؤ ولا تبديل ، وفي هذه تكون دوما سلوى الرحيل وبعض دواء على فواجعه المؤلمة ومآسيه العاصفة ، هكذا نستعين على الرحيل بما خلّف الراحلون ونصبر على ما تبقى من رحيل بما سيزيد المقبلون ، وفي عمر الذاكرة الحيَّة يمكن أن تنهض من جديد خطى الراحلين أسرع مما كانت عليه وفي سفرٍ هذه المرة وليس في رحيل .

أما أقسى أنواع الرحيل وأشدها مضاضة هو رحيل الدول ورحيل الأفكار ورحيل العناوين ، وهذا العام الذي شهد رحيلاً بفعل العدوان البشري ِّ على موضع من الخارطة العربية هو ذاته الذي شهد قراراً برحيل طوعي من العمق العربي إلى ما يهلِّلُ له أعداؤه وباغضوه من كلِّ لون وكلِّ ملة ، وهو ما دفع هؤلاء جملة إلى نهش ما تبقّى على قاعدة الانتهاز وقاطرة الكفران بالفكرة المحرِّك وإن تغطَّت وتذرَّعت بذرائع الشكل وأخطاء التطبيق ومثالب دور الغرائز ، وهنا لا بدَّ من وقفة عميقة وصرخة مفيقة ، لن ترحل أبداً فكرة الجسد الواحد ولا الروح الواحدة مهما كانت قسوة الزوابع فعلى الأقل يبقى هناك في المنزل الذي شهد أوَّل رحيل في الخارطة وعانى من هذا كله أمل وإصرار ويقين على هذه الغاية رغم الألم ورغم الجراح ، متعانق معها عبر تسجيل رحيله اليومي هذا ،... لأن هي باختصار الوصول ومحطة انطلاق السفر ، فهل يكون عام 2004 عاماً لبداية الوصول ؟!

نتمنى ونرجو ه

- ما زالت هنا .....

في الذاكرة الحيّة المسافرة الحاضرة وبينَ رائحة البرتقال ِ المنعشة ِ حولَ خصرِ الصبية ِ يافا وليمونِ صبايا الساحلِ من أخواتها ، وعناقيدِ الذهبِ الجميلة في كروم عنب الخليل ِ ، وسجاجيد ِ الشومرِ الأخضرِ في الجليل ، وصهوة الفارسِ الزيتوني العنيد على جبالِ الداخلِ العنيدة ، كانت العتابا والميجنا تصدح وتنتشي حولها في مواسمِ الحصاد ومواسم النسّاك والعبّاد وبقيت الحمائم من حول المنابر والمآذن والنواقيس والأجراس تمارسُ كينونتها البهيّة ْ ......

كانت بكارة فلسطين التي تغنّي جمالها وفرادتها على امتداد الخارطة المتفردة ولا زالت رغم كلِّ الجراح ورغم كلِّ المحن ، ومع صباح اللوز ونواره الأبيض شباباً لا شيباً ومغموسا بفتنة الطابون البلدي الذي تنطق من تحته جذوة الفعل المارد ورصيده العنيد ....ظلَّت فلسطين تمسك بروحها الخاصة متحلقةً حول الدبكات والأهازيج مثلما حول الصلاة والسجاجيد ، متشبِّثة بالأمل المتجدد والمستمر لاستعادة صورتها التامة ولو طال الزمان...

لم تتعب من المشوار ولا وهنت من الأقدار ولا أصابها الذوبان ولا الدوار ، تنقل شطآنها إلى جبالها تارة وترسل صحراءها إلى مرافيها تارة وتبقى على التصميم والعنفوان مهما استمرّت الغارة ، تقاتلُ في الحضور وتقاتل في الغياب ولا تستريح إلا وهي عنوان الكتاب ، يخشاها الحجاب وتخشى عليه ولعه بالسراب ، مقيمة ساطعة واجبة الاعتزاز والافتخار ....

فلسطين التي بقيت تحتفظ بمفتاح بيوتها مسافرة في ضمير ووجدان أبنائها مهما ارتحلوا وأينما حلّوا ، هي فلسطين التي أصرت على أن لا تقبل القسمة ولا تقبل الطاعة وتظل عصيَّة على كل الغزاة مهما أقاموا ومهما حاولوا ، محتفظة بذات الثياب وذات الأصوات وذات النكهات لأبنائها البررة مهما طال الغياب ، فلسطين الأم التي تنتج حتى لا يبقى من يطلب ، وتنتظر حتى لا يبقى من يغيب ، وتقاتل بكبرياء الحرة دون كلل أو ملل فهم بعض من عقَّ أو لم يفهم ْ....... .

فلسطين التي مرَّت عليها الدوائر والقبائل وتخاصمت حولها الموانيْ فما وسعتها ولا استطاعت أن تغيبها لحظة واحدة أو تستبدل مواسمها ظلَّت فلسطين المارد ، فلسطين الذاكرة الباقية والوطن المستمر هي فلسطين التي ترى أطفالها كل عام مرتين بحجارتهم مرة وبكرَّاس درسهم مرة ، وتقبِّلهم مرتين حول حقول الحصيد والقطاف وحول حقول النار ، وتضُّمهم مرتين حول العالم مرة أينما هم وفي حضنها مرة ، ولن تغيب ....ولن يستطيع من يحاول تغييبها أن ينال من عزيمتها المتفجِّرة ، قد تسمح لمن يريد أن يقلِّد مواسمها بشيءٍ من مكان وشيءٍ من زمان وشيءٍ من صورة ، لكنها تحتفظ دائما بكل الصورة ......

فلسطين هي الحج الأصغر والحج الأكبر وما بينهما تعفو عمن أساء وظلم وتسمح باللقاء على أرض الحرم محجّة بيضاء للمحبين والعاشقين ومهوى قلوب العاشقين ، وهي الحبّ الواحد والمتعدد الخالد تنشد اللقاء ويخنقها الوداع ويؤلمها أن يقدّم على عشقها سقط المتاع ، قدّمت للعالم فرصة نادرة كي يبقى محترماً ولم يهزّها تفويته الفرصة ولا أزعجها تكبيل ضميره قرنا وسخف تبريره دهرا ، ومنحت الدنيا قيمة عليا لتظلَّ ذات جدوى وذات فائدة ولم تشترط عرقاً ولا لوناً ولا فكراً فوحّدت بنقائها القلب والخاصرة ....

فلسطين التي قبرت المؤامرات وقلبت المعادلات وأسقطت العتاة والطغاة ولم يفصلها عن وعيها تغيير أسماء ولا تبديل أسمال ولم يرعبها جدار حصار ولا جدار اعتصار تبقى دوما حاضرة المبادرة وصاحبة العلامة المسجّلة في قلب الطاولة على من يحاول المراوغة والمتاجرة والمغامرة ، أقوى من المناورات ومن أحابيل العصاة وعلى موعد دائم مع اشتقاق النفاذ ، لها طقوسها ولها عنادها ولها أملها ولها أيامها وساعاتها ووردتها الحمراء ورغم الجراح ورغم المشوار الطويل ما تعبت ولا كلَّت ولا قبلت أن لا تكون فلسطينُ إلا فلسطين ْ فهل تسمعون ؟!....

الرد على هذا المقال

نسخة من المقال للطباعة نسخة للطباعة
| حقوق المادة محفوظة ويمكن الاقتباس والنقل مع ذكر المصدر|