{env}

الصفحة الأساسية > فيوض > حول المنجز > شاعر يفتح أبواب الدهشة على الوطن

.

شاعر يفتح أبواب الدهشة على الوطن

السبت 11 نيسان (أبريل) 2015

شاعر يفتح أبواب الدهشة على الوطن

JPEG - 14.7 كيلوبايت


- د.منيرة مصباح -الولايات المتحدة الأمريكية

اذا اعتبرنا الاعمال الفنية بكافة تجلياتها واشكالهاالحسية والتجريدية واللغوية، تدخل في نطاق الفرادة الابداعية في وجودها وامتدادها التاريخي، ادركنا اتصالنا المباشر للحدس بمتابعة كل الابعاد الزمنية للعمل الفكري النابع من احساس فني.
هذا الاحساس لا يدخل في نطاق العصرية او التقليدية، لانه ينفذ الى الحاضر ليبتعد بالتالي عنه، ثم ليعود اليه بحركة التفافية تواكبه بشكل مميز.
هذا ما تبادر الى فكري وانا اقرأ ديوان مانفستو للشاعر ايمن اللبدي، الذي حمل همه الفلسطيني القديم قدم التاريخ مع هموم عربية اخرى جديدة.
ففي ازمنة السقوط ليس من شيئ مغلق امام ابواب الدهشة المتفتحة على قارة الخيال الذي يكشف مولدات الواقع المعاصر.
ففي القصيدة التي تحمل عنوان الديوان، مانفستو لا يقول اللبدي:

[(على اسمائها الحسنى سلام لا يبارى
وفي ملكوت عزتها .. وفي انسام جنتها
وراية مجدها افدي قتيلا)]

في هذه الابيات نستشف تداخل المراة الرمز، الارض الام، التي تفتدي ابناءها من اجل عزتها وكرامتها، من اجل حريتها واستقلالها.
هنا ماذا نرى على حافة الكلمات في هذا الزمن الذي لا يحتمل سؤالا واحدا او كلمة، هذا الزمن الذي شبع من الكلمات، لا يقبلك الا مجردا من اصابعك وعينيك وحتى حبك لذاك الوطن!

ان الشاعر ايمن اللبدي يوزع كلماته في كل بقاع الارض، ربما ليستجمع شتات ذلك الوطن النابت في كل مفصل من من مفاصل ديوانه، او المشرق من خلف هضاب الكلمات، والداخل الى ثنايا الروح المسافرة في بحر الشعر..
ان الوطن هو تلك الارض الدائمة في العطاء، الانثى المتمردة الرائعة، هي الفعل الذي منه تبدأ كل الافعال لتشكيل الواقع، انه تلك القصائدة التي تصرخ في وجه العتمة الحالكة. قصائد تصرخ.. تضحك.. تصمت، ليتحول صمتها الى دوي يهز الكيان، انها كل الاشياء في هذا الخارج من الجرح، المتشكل شعرا في نزيف هذا الوطن الى معبر مريم:

[(عبرت مريم
قامت.. نهضت.. صرخت
وثبت .. بين سفوح الصمت الاجدب
مثل الوردة هبت مريم.. هبت مريم)]

ان اللبدي يقول في شعره ما يجب ان يقال، وربما يقول الكلمة التي تحشرجت في حناجر الكثيرين، حتى تحولت الى سكين ماض يجرح كيفما تحرك.
لكما ايضا نقول ان اللبدي ليس الشاعر الاول الذي ثار على لغة الهزيمة، ثار على سلسلة الهزائم واشباه الانتصارات، لكنه اعطى الانتصار الحقيقي كل ما عنده، لذلك كانت قصيدته صفعة موجعة للغة الهزيمة.

[(واقفا على طلل
ما تبقى منه غير الذاهبات
واختراع المبكيات
وادعاءات البراءة.. وانتفاخات البطولة
والامانيّ الرتيبة... والحروف الخائنات....)]

في ضوء الوطن ينفتح جرح الشاعر، لينزف صوت الامهات اللواتي اعتدن على الانتظار المرير، ذاك الوطن الذي يكبر بمقاومة ابنائه، ويصغر حين ينزوي لقتال داخلي بين ابنائه،
عندها تموت كل المعاني التي يمكن ان تؤلف صورة الوطن ذلك الذي يعيش في ذاكرة الشاعر حلما جميلا. ان الشاعر يصرخ في مانفستو لا، حتى يهز الاعماق، لكن الماساة مستمرة ومنتشرة والصرخة تصارع الانسان. لذلك نرى ان اللبدي هو شاعر قد شكلته الماساة وعجنته القضية، قضيته الفلسطينية ومأساته العربية. فنرى ان المقاومة لا تغيب عنه ابدا، لا تتوارى عن هذه الامة، انها ترتدي كل الوجوه، وجه القضية والوطن، وجه الحبيبة والارض في الوداع واللقاء، وجه القيامة والعدم، تبتسم تتوجع تتكلم وتصمت...

[(لا،
تفجر نفسها حبرا ثقيلا
وتروي جوعها في الارض عشقا
وسيفا لم يغادرها ولم يصبح عليلا
وتشعل في مواقدها غدا امسى لها ذكرى
اذا ما هان فارسها.. ومس سوارها ضيم
وسلم زندها عارا.. ومات على سوى سور الكتاب
واضحى دون عزتها ذليلا)]

في شعر اللبدي نرى زمنا ما سيبدأ ، ونعلم اننا سنكون هناك في الحقيقي، قرب الحقيقي، الذي يحاول ان يعلن الحقيقة. هذا الزمن يعلن ما سوف يولد حيث نرى ما يجب ان نراه حين نقترب من الحافة، حافة الرمز التي تملؤنا بتاريخ هذا الوطن. يقول:

[(الى الماضي الذي اخفى شقوقا يوم خان.. تنكر
الى (ابن العلقمي) العائد الوجه المحنط في الزيوت
الى (طروادة) الاخرى الجديدة
الى (الزباء) نجمة (كربلاء) على طريقة حاجب في ذهن قيصر
الى كل الخطايا باسم (كسرى) واسم (عنتر).)]

هكذا تحتل الارض العربية افكار الشاعر عبر التاريخ لتصبح فلسطين رمزا للماضي الحاضر والمستقبل

6/10/2007

الرد على هذا المقال

نسخة من المقال للطباعة نسخة للطباعة
| حقوق المادة محفوظة ويمكن الاقتباس والنقل مع ذكر المصدر|