{env}

الصفحة الأساسية > فيوض > حول المنجز > « انتفاضيات» للفلسطيني أيمن اللبدي

.

« انتفاضيات» للفلسطيني أيمن اللبدي

السبت 11 نيسان (أبريل) 2015

« انتفاضيات» للفلسطيني أيمن اللبدي

JPEG - 2.9 كيلوبايت


- فوزي الديماسي-ناقد وروائي تونسي

في زمن السحاق الإسرائيلي الأمريكي
في زمن اللّواط الأمريكي العربي
في زمن الإنتليجنسيا العربية … إنتليجنسيا الخزي و الصمت المذلّ
في زمن ” رجب حوش صاحبك عنّي ”
في زمن ” أخصمك آه … أسيبك لا ”
يينع بعض حرف نوراني فقد بعضه في زمن احترف فيه النخل السجود في محراب البيت الأبيض بإمامة جامعة الدول العربية ، في هذا الزمن الملطّخ بالخيانات و الأيادي المخضّبة بالدولار ودماء الأبرياء ، تأبى ” انتفاضيات ” أيمن اللبدي إلاّ أن ترفع عقيرتها بالضياء لتعضد بذلك الشمس المعانقة لروح الشيخ ياسين و الطفل الشهيد محمد الدرّة .
” انتفاضيات ” كلمات من عمق المشهد به تفخر و إليه تعود ، كلماتها من نور و نار، و من غار و عار، تقطر خيبة حين تولّي وجهها شطر الجانب العربي ، و تينع و تخضرّ و تورق ، فيشيع في الجوّ أريجها حين توجّه وجهها شطر طوابير الشهداء المرصّعة صدر الأمّة الجريحة من ناحية و المنتفخة رؤوسها الخاوية بالخطب الرنّانة الطنّانة و الكلمات الخاويات التي مثلها كمثل مومسات جانبي الطريق في مدن الثّلج :

أيها الناعون ألحاظ الصبايا

أيها الباكون أسوار المدائن

أيها الراثون أصوات البلابل

يا من ندبتم حظّنا

وتحمّستم مرارا لمخاضات السنابل

وبكيتم كل يوم لإنطفاءات الشموع

و كتابات القدر

اتركونا للمطر

لم تداووا جرحنا يوما

فكفّوا

واتركوه نازفا فينا على طهر العذارى

هكذا تغنّي قبّة الصّخرة للضفادع المنقنقة على حافة غدير الخيانات العربية ، و هكذا تترنّم القدس للمنافقين تجّار النخاسة في الأسواق العالميّة ، و بمثل هذه الكلمات تهدهد الأرض الطيبة المستلقين بين ذراعي الدّاء العضال ، الدّاء الناخر للأمة من داخلها ” الكيان الصهيوني ” ، وهكذا يناشد المكتوون بنار النفاق المحيط بهم من الماء إلى الماء . و هناك على الأرض الطاهرة الزكيّة ، أرض فلسطين الأبيّة يكبر الحلم و يكبر ، و يينع الحجر بطولة و يينع ، ومن بين أودية الدمّ النقيّة تولد زهرة ، و يخضرّ غصن ، و تسامق خيوط النور المدن و البوادي و القرى ، تحكي التحدّي و تحاكي الصمود ، و تخيط بجماجم أطفالها الشهداء تحت شلالات الشمس في لحظة عشقيّة ، لحظة فلسطينية خالصة بامتياز ابتسامة للثكالى ، و عيدا للصغار ، و حجرا للكفّ الرّاسم على جبين العالم المتمدّن وصمة عار ، حتّى التراب رافل في فلسطينيته و عروبته حدّ النّخاع يصنع برميم شهدائه النائمين ملء رضاهم في أحشائه الحبلى بالحياة :

قاتل باسم الزيتون

و اصنع لحنك

و انقش في الشارع لحمك

لكن ايّاك أن تنظر خلفك

إنّك وحدك

إنّك مجدك

إنّك صوت و الصوت خراب

فاخلع نعلك و ارفع ذكرك

قاتل يا ابن الزيتون

المجد المجد لأغصانك

و العار العار لجيرانك

و سماؤك ممطرة فاسمع

مثلك أبدا لا يركع

حجارة … فشهادة …. فوطن ، دبّابة … فجثث … فمحن ، فلسطين / اسرائيل ثاني اثنين يصنعان للتاريخ مشاهده ، هذا بشهدائه يبشّر بالفجر مؤمنا بقول أبي القاسم الشابي :

إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدر

و لا بدّ لليل أن ينجلي و لا بدّ للقيد أن ينكسر

و ذاك يزفّ لأرض غير أرضه على ظهور الكواسر الحديدية موج المنيّة الملطّخ بالغدر ، و بين التضحية و النّهب حكايا يرويها الصمت العربي ، و العار العربي الساجد بذلّة في محراب مدينة الضباب تارة ، و طورا يتوسّل بين الفترة و الأخرى على عتبات الأمم المتّحدة تنديدا أو شجبا يرضي به ضميره المعتلّ الأجوف و المجبول على المفعوليّة على الدّوام ، و هناك بعيدا عن موائد المفاوضات و مهرجانات الرقص بالكلمات يصنع الحجر للفحولة فحولتها ، ويسرج بالدّم للأمّة الغافلة شرفها ، و يكتب بجثمان شهيده تاريخا مشرقا للضاد و من ورائه تغنّي زغاريد طولكرم و جنين و غزّة و القدس و رام الله لشهيدها المسجّى في الفخر و السؤدد و الشموخ :

ساطع مثل الحقيقة

سرمد مثل الأزل

طاهر مثل البرد

و كتابي

في السماء و التراب و الوجوه

27/10/2005

الرد على هذا المقال

نسخة من المقال للطباعة نسخة للطباعة
| حقوق المادة محفوظة ويمكن الاقتباس والنقل مع ذكر المصدر|