{env}

الصفحة الأساسية > حوارات > أيمن اللبدي .. وأنهآر ... وضجيج الصمت

.

أيمن اللبدي .. وأنهآر ... وضجيج الصمت

الاثنين 13 نيسان (أبريل) 2015

أجرى الحوار / الشاعر فيحان الصّواغ

[(

GIF - 10.3 كيلوبايت

لا أعرف لهذا الرجل مقدمة أكتبها .. ولكنى أعرف عنه الكثير الذي اعجز قلمي عن تعريفة لكم .. بجملتين هو أيمن اللبدي .. صاحب رأي لم يمتزج بالكذب السائد في صحافتنا او أدبنا .. تكلم بصمت غاضب .. يرد على محاولاتنا لوضعه أمام الضوء فنرانا أمامه.. لم نجد الا الفرح يبتسم لنا عندما انتهى الضجيج .. وبدأ الهدوء غفوته )]

س1: للشعر أغراض واتجاهات ، ففي أيها يعشق الشاعر أيمن اللبدي التحليق ؟

ج1: الشعر هو حالة وجدانية مكثفة لا تعرف الاستباق الذهني والتوقعات المسوقة بفرضيات ورغبات هذا من حيث الجوهر ولذا فان للشعر بوصلته الخاصة حينما يتعلق الأمر بلحظة الولادة والتحليق وهو هنا يكفي لنفي الإرادة المسبقة ، وهذه الولادة هنا قطعا انه لا بد ناشئة عن لحظة ما تقاطعت فيها تراكمات كمية لدفقات شعورية ولا شعورية أنتجت هذه الولادة . ولكن على أية حال فأنا وجدت في تجربتي الخاصة ترجمة لحالات إنسانية متعددة من خلال هذه التجربة وطنيا وقوميا وروحيا وقلبيا أيضا إن شئت ،أما فيما يتعلق بالشكل الذي تولد فيه القصيدة فكما ترى من خلال حصيلة هذه التجربة لا يوجد ما يشير إلى اشتراطات مسبقة أو إصرار على شكل معين للقصيدة وتمترس خلف شكل معين ، إنها سيدة الموقف تأتي كما تحب أن ترتدي لا يهم ، المهم أن تأتي تامة وجميلة وحقيقية وليست ظلا.

س2:أين يتحدد موقع الشاعر الفلسطيني في خارطة شعراء الوطن العربي ؟

ج2: يتحدد موقع الشاعر الفلسطيني بشروط انتمائه والتزامه لقضيته الأساس كما أرى هذا أولا ، فان وقف على ذلك وانتمى لذلك حقا وصدقا دون أية اشتراطات من أي نوع كان فهو في الخندق المتقدم والصف الأمامي بلا شك منسجما بذلك مع مكانة وقدسية قضيته التي تشكل تجليات الهم العربي الأول والدائب ، هذا طبعا من الناحية المتعلقة بقاعدة الالتزام الأدبي ، أما إذا كنت تقصد فنيا وشعريا فأعتقد أن الشاعر الفلسطيني قد بنى لنفسه وبجدارة مكانة مميزة عبر المرحلة المعاصرة والسابقة عليها أيضا وهناك عدد من الأسماء المعروفة في هذا المجال منذ الأخوين طوقان وعبدالرحيم محمود والكرمي مرورا بدرويش وبسيسو والقاسم وصولا إلى ما تعد به الساحة الفلسطينية حاليا من مشاريع فرسان يحملون الراية ويتابعون المسيرة .

س3: شعر القدس - شعر فلسطين - شعر الانتفاضة - شعر الحرية ، ماذا تقول له ؟

ج3:أقول له أنت أنبل ما ولد وأكرم ما قدره الله في أدب العرب منذ دهر وأنت الفارس الحاضر أبدا معركة الأمتين العربية والإسلامية والشاهد على ضمير العالم الغائب طويلا ، وعليك أن تستمر ولا تيأس فالمشوار طويل ما بقيت الضاد.

س4: عاش الشعر الفلسطيني منذ أكثر من نصف قرن بين النار والحرمان ، فما هو حال الشاعر الفلسطيني في هذه الفترة ؟

ج4: نعم صحيح ، ولكنه دائما كان إنسانيا متوهجا ويمتلئ أملا ويؤسس للغد الفلسطيني وللنهار القادم وللوصول المنتظر انه كان بلا شك يصر على أن هذه الفترة التي مرت ليست حقيقية بل هي وقت مستقطع خارج كل منطق وكل قيمة ،وأنا لا أجد انفصالا في هذا بين الشعر والشاعر فكلاهما اصطحب صاحبه في هذه الفترة يشد كل منهما أزر الآخر ، ورغما عن هذه الفترة الفريدة في حياة فلسطين الأرض والإنسان وهكذا أيضا من تاريخ العرب والمسلمين بل والإنسانية كلها فلا زال الواقع يشي بهذا الامتزاج والتوحد الغريبين حتى أنك ربما لا تستطيع الفصل بينهما ، انهما الواحد المتحفز دائما انهما الذين يتبادلان حمل بعضهما طيلة الرحلة .

س5: يعتبر الشعر وسيلة لشحذ الهمم وله دوره الكبير في النصر عبر التاريخ ولكن هل ترى أنا نحتاج له في وقتنا هذا ؟ وكيف ؟

ج5: لقد قلت هذا مرارا وأخالك تعرفه عني أيضا وعدد من الأصدقاء والقراء وأعود فأكرر أنه لا يمكن مطلقا تخيل تغيير إنساني عميق والتحريض عليه دون الشعر ، بل إن تجاربنا نحن كعرب ومسلمين تحتضن آلاف الشواهد من التراث على ذلك ، بل لعلنا نستشهد أن تحول فكر الجاهلية إلى الإسلام احتمل الشعر خلاله نصيبا هاما عبر أبيات ابن ثابت وعبد الله بن رواحة وغيرهم ، إن له وصفة سحرية يا صديقي مجربة ولا تحتمل الرهانات والتشكيك ، هذا عندنا نحن العرب.

أما إن أردت غيرنا فخذ مثلا أعظم ثورات القرن الحالي وما شهدته فيتنام ولعلك تذكر "هوشي منه" القائد الشاعر الذي حرك أمته على وقع قصائده المقاتلة كما حرك مقاتليها ، إن ميزة الشعر ليست فقط في كونها تحريضا فقط فهذا ربما يمكن أيضا أن يتم عبر خطبة عصماء أو لنقل عبر منشور ما ، الفرق أن الشعر هو محفز ومحرض دائم لا يصمت بانتهاء الخطبة أو مصادرة المنشور ، انه ينغرس بجذور قوية لا تعرف المغادرة ولا التشظي بل تترجم نفسها بتوالد عجيب مسيطر ومعمق .

أما حينما يتم الوصول إلى الهدف فانه يعود بهيا ليسجل عبر العصور والذاكرة هذه اللحظات المشعة أبدا ، هل يحفظ أحد ما في هذا الكون خطبة المعتصم بعد أن وقف على أسوار "عمورية" ؟ لكن أبيات أبي تمام لا زالت مشعة كما لو كانت وليدة اللحظة . ماذا يقول لك ذلك ؟!

س6:تكتب المقالة ولك بعض الآراء في الشعر والأدب ..هلا حدثتنا عن بعض منها ؟

JPEG - 23.8 كيلوبايت

ج6:لقد كتبت المقالة الأدبية مبكرا جدا وكانت لي بعض الأفكار التي أعترف أنها تطورت كما تطورت التجربة الخاصة بي شعريا عبر مرحلة ربع قرن تقريبا من الشعر والكتابة ، والمقالة تعني لي تسجيلا لموقف إزاء ما يعتري الحركة الأدبية من ظواهر كما تعني لي أيضا الغوص في محاولات وبمساحة أوسع للتعبير عن بعض ما هو بحاجة للشرح حول مسائل شعرية أو أدبية بعينها من حيث هي وجهة نظر أو فهم خاص لي كشاعر وليس بالضرورة أن يكون تسجيلا لملخص مدرسة ما أو موافقة أو معارضة لموقف ما ، فقد كتبت حول مسائل الشعر العربي المعاصر والاشتباك القائم حول أشكال الشعر والتشيع لهذا أو ذاك وكتبت في الشعر والمرأة والشعر والانتفاضة وغير ذلك مما لا يتسع المجال لتحديد خلاصة لهذه الآراء الآن ، إلا أن شيئا لا بد لي من اغتنام الفرصة وإدراجه في هذا المقام فمن المفيد الصراخ وبصوت عال هنا عل هذه الصرخة تلقى صدى ما ، حيث أرى أن المشهد الشعري والأدبي العربي في حالة من البؤس المفضي إلى الشلل لو مضى على هذه الحال ، إننا نشهد حالة من السكون غير المفهوم وغير المبرر ، ويبدو أن الحركة الشعرية العربية فقدت بوصلتها وأصبحت على غير هدى ، والأسباب متعددة ولكن أهمها فيما يبدو أن كثيرا ممن هو داخل دائرة التوقع بقدرته على التغيير استطاب دور الضحية وفقد الرغبة في الحركة ، والمؤلم أن بعضهم آثر أن يقيم جسورا في الهواء مع واقع غربي لا صلة له بالمشهد العربي إطلاقا ربما لكي يتحفونا بعد عشر سنوات مثلا بآراء مستهلكة عن واقع وتجارب أخرى في مكان آخر وأحسبهم ربما قادمين لابسين ثوب اللوم والتقريع على ما سيكون قد تحصل خلال هذه الفترة وهم سبب من أسبابه، إن هذا أهم ما يشغلني حاليا وأراه أكثر إلحاحا إذ لا بد من إعادة تأهيل للمشهد الشعري العربي والأدبي من منطلق الحوار ومراجعة حصيلة الماضي بأمانة وصدق وإطلاق كافة الطاقات وتشغيل ماكينة النقد المرتهنة والترحيب بروافع ديناميكية دون هواجس وأعذار أو شهوة الاندفاع للدوران في حلقات مفرغة ليست حقيقية وربما مفتعلة إلى حد كبير.

س7: ألم تلاحظ وجود الشعر وتحديدا ربما الشعر الفلسطيني على شبكة الإنترنت وبكثره تفوق الصحافة الورقية هل هو بالمصادفة أم ماذا ؟

ج7: لا هذا ليس مصادفة إطلاقا ، بل هو قرار حقيقي واعي وذكي قطعا ولعدة اعتبارات :

- أولا : لأن الشبكة قد أثبتت قدرتها على اختراق الزمان والمكان كعائق وإلغائهما معا بجدارة ملفتة ، إذ لا حدود الآن ، نعم لقد اختفت كل الحدود بما فيها تلك التي صنعت الشتات الفلسطيني وربما حاولت تكريسه أحيانا وهي نفس الحدود التي خلقت التبعثر والتناثر العربي أيضا.

- ثانيا : لأن هذا هو المستقبل وهذه هي الفرصة الحقيقية لاقتناص مكانة لا يمنُّ بها أحد على الشعر أو يتوهم ذلك هذا في نفس الوقت الذي تكون ذاتها أيضا فرصة لاختراق حاجز العولمة البائد على مستوى الوصول إلى الآخر والمستقبل هو وارث كلا من الماضي والحاضر ، الورق يا صديقي هو الماضي.

- وثالثا : لأن حواجز الشللية والرقابة غير الواعية والموانع الميكانيكية الأخرى غير الإنسانية إطلاقا وغير الفنية ابتداء ً سقطت كلها عبر الشبكة ، هذا السقوط الموازي في نتيجته لنتيجة سقوط حواجز أخرى إسمنتية أو أسلاكا مكهربة . واللافت أن كثيرا من الأقزام الصغار ما زالوا لا يفهمون ذلك سواء أكانوا سياسيين أم غير سياسيين ، وخذ مثالا مثل ذلك المنتفخ الأعمى "شارون" الذي لا زال يؤمن بالحواجز والعوائق ويقدس الحصارات رغم ذلك ، إن أمثال هذا هم من الذين سيتم القفز عنهم لا بد بحكم المنطق والإرهاصات المختزنة .

س8: لا يوجد تنافس أدبي عربي في حين أهمية الحاجة إليه .. ما تعليقك ؟

ج8: نعم إلى حد ما لا يوجد بعدُ لقاءٌ أدبيٌّ عربيٌّ حقيقي بين المشاهد الأدبية في كلٍّ من المناطق الثلاث وأحزمتها ،أي في منطقة الجزيرة العربية شرقا والوسط العربي والمغرب العربي غربا، وهذا انعكاس لواقع متشابك من حيث المسببات والمحرضات على تكوينه بدءا من الشرذمة الجيوسياسية الموروثة منذ بدايات القرن الحالي قسرا لا اختياراً ومروراً بالتأثيرات التي تركتها الأزمات الحادة التي تعرض لها عالمنا العربي ومن أقساها أزمة الحالة الخليجية مؤخرا فضلا عن الأحداث القائمة حاليا ، ولكن الحقيقة أن هذه مبررات تصلح فقط اذا اعتبرنا أن الأدب العربي والشعر العربي له دور الترجمة والنقل الحي المباشر، بمعنى ما يصطلحون عليه مستخدمين فيزيائية المرآة وما تعكس ، ولكن كل ذلك لا يستقيم مبررا إذا ما يممنا شطر الدور الأصيل للأدب مجمعا عند الفرقة ومؤلفا عند التنافر ومحفزا دائما إلى الأمام.

للأسف لقد مرت أحداث انتفاضة فلسطين والتي كانت بحق فرصة تاريخية ليصار من أتون لهيبها ومعاناتها إلى صهر هذه المفرقات كلها وإعادة إطلاق العربة الواحدة، لقد مضت سنة تامة دون أي استغلال حقيقي لذلك باستثناء محاولات خجولة هنا وهناك ربما رفعا للعتب ولم يكن مفهوما إطلاقا ولا زال حتى الآن غير مفهوم هذا الصمت المقيت والعجز القائم .

على أية حال ربما كما سبق وقلنا أن أداة الشبكة لا زالت مع ذلك قائمة كفرضية لتوفير شروط إلغاء الحواجز والحدود والواقع التشظوي هذا والمساهمة ليس فقط في إطلاق روح التنافس بل في إعادة روح الحياة إلى المشهد الثقافي العربي.

س9: الكاتب - الكاتبة - الشاعر - الشاعرة - الأديب - الأديبة !!
من يحدد ملامح الآخر إبداعيا ؟وهل فعلا المرأة هي الأصل ؟ - بصراحة -

ج9: بصراحة وكما أردت لا زال أدبنا كما مجتمعنا ذكوريا محضا وهو قد يخجل أحيانا لسبب أو لآخر فيترك مساحة ما للمرأة هنا أو هناك ، ولكن أيضا لنكن عادلين فالمرأة حيث تضع نفسها وهذا يلقي بمسؤولية عليها ولا يعفيها من وزر هذا الواقع والخوافي بالقوادم وهناك كما ألحظ أسماء نسائية تطمح إلى تغيير هذا الواقع ولكن أوصي فأقول التنظيم والتأطير والجلد والمثابرة كما وضوح الرؤيا مفاتيح الوصول.

أما حكاية أن المرأة هي الأصل فمن باب التفسير التاريخي للأدب أنا أعترف بذلك قطعا بل وأدلل عليه إذ لم يكن آدم ربما لينطق دون حواء المرأة "حواء" كانت أول كلمة قالها آدم وبعدها علمه الله الأسماء كلها ، المرأة في كل مناخاتها وفصولها وطنا وأما وحبيبة زوجة وفلذة كبد وصديقة وأختا هي تاليا محور رئيس من جملة ما نتحدث عنه هنا أو على الأقل دون مواربة أو شك هي جزء أساس في ذلك كله.

س10: للشعر السياسي تأثير سلبي في مجتمعنا العربي .. هل هو عيبٌ في هذا النوع من الشعر أم أن العيب يكمن في العقول المتلقيّة ؟

ج10: هنا ربما الأفضل أن نحدد أكثر حول لافتة الشعر السياسي ، فان أردت أن تشير إلى شعر يطّبل ويزمّر بين أيدي هذا وذاك كتكملة لمشهد سياسي معين أو لحزب معين كديكور مثلا ولازمة لا تلزم فهذا لا أحسده على مكانته التي أرادها لنفسه وأرثي لأصحابه فضلا عن أني أشفق على المتلقي الذي يوجه له مثل هذا الدجل الذي يساوي إرهاب الاختطافات إن الشعر هنا مختطف على أيدي هؤلاء ، أما إذا أردت الحديث عن شعر يسجل مرحلة من مراحل تطور المجتمعات العربية من خلال تفاعل طبقات هذه المجتمعات وخاصة ذلك الذي يتسلح به فقراء وضحايا اللا عدل الاجتماعي في سعيهم ونضالهم الرائع نحو العدالة والحرية والمساواة والتقدم فأنا لا أستطيع إلا أن أقف أمامه بإعجاب وتعاطف عظيمين لأنه حقيقي وعادل وأمين بشرط أن لا يفقد زمام أخلاقياته أو زمام فنياته أيضا، ولا يمكن لهذا النوع من الشعر أن يتهم بتأثيرات سلبية بل على العكس انه متوحد مع حالة الرغبة في القيم الحقيقية والسعي إليها ، بيد أن الشعر الذي يمكننا أن نتكلم عنه نحن في فلسطين أكثر هو بلا شك شعر المقاومة وشعر الحرية كنتيجة لواقعنا وهذا هو الذي ننحني أمامه فخرا ومهابة انه الذي توحد مع أنسجة أجسادنا ومع ذبذبات أرواحنا فأصبحت لا ترانا دونه ولا تراه دوننا انه الذي تعلمناه صغارا في مدارسنا عن طوقان وأبي سلمى وعبد الرحيم محمود الذي لا زلت أحمل له في قلبي أبياته الرائعة وهو يواجه معركة الشجرة انه الشهيد المتجدد الذي علمنا بيتين شكلا وعينا التام ففي فلسطين:
سأحمل روحي على راحتي
وألقي بها في مهاوي الردى
فإما حياة تسرُّ الصدق َ
وإما ممـات يغيظ العدى .

س11: ما رأيك في جمهور الشعر في وطننا العربي ؟

ج11: جمهور يرغب في الحقيقة ويرغب في الأصالة ويرغب في ما يعبر عنه هو وعن فسيفساء مكوناته النفسية الحضارية وواقعه المواجه لكل حالات انتباهه ودهشته جمهور متفاعل وصادق وحر وأمين ولا يشترى ولا يباع ولا يمرر أيضا أو يرتهن وان لم يجد ما يريد أصابه الإحباط لفترة ثم ما فتئ ينشد ضالته من جديد عند أول قادم قد يعطيه ما يرغب ، انه مظلوم منذ فترة ولا ألومه بل ألوم من يوصله إلى مواقف مؤقتة ولكنها حادة أحيانا ولكن بالرغم من ذلك فثقتي فيه كبيرة وهذا ينبع من ثقتي المطلقة بلغتي وتراثي ورصيد العروبة في مكونات هذا الجمهور كما رصيد الأصالة .

س12: أيمن ، ما هي العقبات التى تواجه المثقف العربي بعد هذا التمازج والتداخل بين الثقافات العالمية والعولمة الأدبية ؟

ج12: حسنا أول ما يعترض طريق المثقف العربي هنا هو أن لا يكون هو ، بمعنى أن يكون شيئا آخر مستعارا أو مموها إلى حد كبير تحت سطوة هاجس التخلف والتبعية والالحاقية التي تشهرها ولا زالت عدد من المتشكلات في بلاد بعض الآخر ، رغم أن كل هذه النواقص والنواقض التي يشار إليها هي دائما إفرازات أو نواتج لوضع تقني محض وليس بالضرورة إذا ما كنا لا نزال في الجزء الأعم من مجتمعاتنا مستهلكين لأدوات أو تقنيات أن نكون كذلك فيما يتعلق بالروحانيات والوجدانيات والإنسانيات وهي أصلا الروافع الحقيقية لأية حضارة عمَّرت وأفادت البشرية من حيث الكنز الحقيقي لمعارفها ورصيدها.

والملاحظ أن هذا الآخر المصدر لهذه الأدوات يتلفت يمنة ويسرة عساه يجد ما يوازن ذلك التفوق المادي ويسنده روحيا وهو يطير إلى الشرق الأقصى تارة ويغوص في حضارات ربما لا تجد لها من يرثها طورا آخر ليستظل بما يمكنه منها ، وهو يرفض ما لدينا إما لأننا أظهرناه كما لا يستحق أن يظهر أو لأننا كنا أسوأ المدافعين عنه ناهيك عن تخلينا عنه في أحيان كثيرة.

إذن فالمهم أن يكون هو أولا ومنفتحا ثانيا بعد أن يكون قد تسلح بكل أبعاد تراثه الإنساني الرائع لا يجب رفض الآخر تماما كما لا يجب استنساخه بشكل ممل ومقيت ، فإذا تم ذلك تأتي عقبة الأدوات المباشرة من لغة وقنوات توصيل وهنا يأتي دور الترجمة الواعية والنقد النزيه وضرورة التوجه إلى العالم عبر شرفته التي أطل علينا عبرها من إنترنت وفضاء غير محدود، وهنا فقط يمكننا القول أنه سيكون أمام طريق شبه معبد عليه أن يعبده بعد ذلك بجهده وإبداعاته.

س14: للأسف الشديد قرأنا لكثير من الشعراء الكبار أبيات ( تشتم ) الذات الإلهية كقول أحدهم مثلا " أيها الرب أو الإله البخيل القاسي " و " رأيتُ الله مشرّدا في الأرض " .. وما شابه ذلك .. هل هذه هي الثقافة الجديدة أم هي موجه شيطانية جديدة .. أم ما رأيك بها ؟

ج14:مرفوض تماما وبكل المقاييس الأخلاقية والأدبية فضلا طبعا عن الدينية والشاعر الكبير ليس بحاجة لها ، ومن يريد التبرير متسلحا أحيانا كثيرة بالرمزية وأدواتها لا يقنع أمام المواجهة وكما ترى فهي كلها في نهاية الأمر لا تمت إلى حقيقة الأدب والفن بصلة .

JPEG - 20.7 كيلوبايت

س15: أيمن على مدي السنوات التى أنفقتها أو أنفقت مع الشعر والصداقة مع القلم .. ماذا كانت النتيجة من كل هذا ؟

ج15: من المبكر القول عن النتيجة لأنه والحمد لله لا زالت لدينا القدرة على الاستمرار، ولكن إذا ما أردت نتيجة ما على المستوى الشخصي فأنا أستطيع القول أن تجربة ربع قرن تقريبا من الكتابة قد كثفت احترامي لذاتي وحبي للحياة والقدرة على الوصول الى الثابت والمتحول كمازادتني حدة في الرؤيا وتصميما على العطاء وإيمانا بثقل مسؤولية الحرف والكلمة كما زادتني فرحا لأنها لم تستهلكني ولم أستهلكها في غير ما هي له دون رغبة في أي مقابل مادي أو معنوي على الإطلاق ، إنها يا صديقي أصبحت عنوانا لاستمرار حياتي نفسها ، ولا تعلم كم يكون شعوري عظيما وأنا أجد تجاوبا مع فكرة أو قصيدة أو مقالة من قبل راغب في المعرفة أو محب لإثرائها أو مشارك في ذات المسيرة إن هذا هو منتهى سعادتي .

س16: لك بعض المجموعات التى تختصر بها جزءً من مشوار حافل بالعطاء الأدبي .. فما الذي أصدر منها ؟ ونتمنى أن تحدثنا عنها ؟

ج16:تجربة الإصدارات الشعرية بدأت عبر إصدار مجموعة شعرية منذ حوالي عقد ين ولكن مع أول مجموعة جرى إصدارها أثناء الحياة الجامعية وكانت كل قصائدها قد سبق نشرها في الصحافة المحلية في فلسطين آنذاك لم تكن في نظري ذات أهمية خاصة واعتقدت إن تجربة إصدار مجموعة فمجموعة ليست هي الأهم بل الأهم هو وصول القصائد نفسها في ذات الزمن الذي نضجت فيه طازجة وبهية خاصة وأن كل القصائد كانت وطنية نضالية تسجل تفاعل الشاعر مع يوميات نضالات شعبه ، ولذا آمنت أن وصول القصائد عبر أسرع وسيلة أهم من جمعها والحرص على اكتمالها حتى تطرح كمجموعة ، إلا أن هذا لا ينفي أنه قد شرعت في جمعها كمجموعات بعد أن نشرت كقصائد ، واكتفيت بذلك ولم أصدرها طباعة ، وهكذا بعد أول مجموعة بعنوان"من وصايا النزف العام 1980" نشرت قصائد ثماني مجموعات شعرية كان آخرها في العام 1993 في المملكة العربية السعودية مخطوطة مجموعة "هوامش على تغريبة القمر العائد" والتي أيضا تم تجهيزها للنشر ثم لم أكمل مشوار إصدارها . على أية حال فضلت أن أجمع هذه المجموعات لاحقا بما يتحصل لدي من وقت ربما يصعب إن تتيحه لي ظروف العمل، ولكن منذ حوالي العامين اكتفيت بما ينشر عبر الشبكة وأحسست بها تجربة أغنى واستهوتني أكثر من الإصدارات نفسها .

س17: ما رأيك بهذه الأقوال :

ج17

شعر المرأة أصدق من شعر الرجل ؟

- خرافة لو تم تعميمها ولكن أحيانا نعم .

المرأة أعلى ثقافيا من الرجل ؟

- لا شواهد يمكن بها التعميم ولكنها في الواقع أكثر تركيزا في ثقافتها هذا لا ينفي أنه في حالات فريدة ربما .

الرجل أحد أهم أسباب المرأة لدفعها نحو الظهور ثقافيا وأدبيا ؟

- إلى حد ما نعم .

الرجل يستخدم الوأد الأدبي ضد المرأة ؟

- للأسف نعم .

المرأة هي الشعر ؟

نصف الحقيقة .

الأدب النسوي العربي منغلق ؟

- هذه ملاحظة شديدة الخطورة فباستثناء بعض الأسماء بقيت الأخريات في دائرة محددة.

س18: أيمن عالم الإنترنت عالم يحوّل كوكب الأرض إلى غرفة صغيرة ، كيف ترى الإنترنت خادماً للأدب العربي ؟

ج18: هذا سؤال جيد ، انه في الحقيقة يختصر كل أزمنة التواصل أيضا ويضعها مباشرة بين يديك وهو في الوقت الذي يفعل ذلك يضع تماما وفي نفس اللحظة التحدي الأكثر تكثفا ووضوحا ، وبالتالي يمكن الأدب العربي من قطع أشواط بعيدة إلى الأمام يستقيم معها الدخول في التعانق مباشرة وفي نفس الوقت الذي يتم إصداره وأيضا هو بهذا لا يحمل معنى تسهيل الاطلاع فقط بل وحتى الحوار والنقد والذهاب بهذه التفاعلات إلى أقصى مدى ممكن ، انه بلا شك يتيح منبرا هاما إن تم استغلاله فعلا ، إن هذه ليست فقط مسؤولية الأدباء والشعراء بل إنها مسؤولية مشتركة مع الجامعات والمؤسسات والأندية بل وربما حتى الحكومات من خلال وزارات ثقافاتها وكادراتها البيروقراطية التي أصبحت بحاجة إلى إعادة نظر تماما كما هو الحال مع الطبعات التي يتم إعادة تنقيحها وإصدارها من جديد، ولنكن واقعيين فان كثيرا من الشباب العربي الطموح قد بدء فعلا خطواته منذ زمن ولن ينتظر إشارة من أحد إلا أنه ولإعطاء الزخم الحقيقي فلا بد من مشاركة هذه القطاعات ، وهنالك نماذج مشجعة على الشبكة حاليا تتبناها مؤسسات مستنيرة إلا أن المطلوب هو تشكيل واقع أعمق وأكثر انتشارا وانفتاحا وتنوعا ، هذا الإنترنت نعمة إن استغلت سيمكننا فعلا الوصول وبزمن قياسي إلى جزء مما نصبو إليه.

س19: لك موقع أدبي على الشبكة حدثنا وحدث الجمهور عنه وعن أفكاركم فيه ؟

ج19: نعم ، حقيقة كما أسلفت فلقد أطلقت منذ حوالي العام موقعا أدبيا احتوى قصائد ومقالات فضلا عن صفحة كنت حاولت فيها رعاية بعض المواهب الشابة اليافعة ، إلا أن هذا الجزء بالتحديد أرهقني تماما لكثرة ما وردني من مخاطبات من الشباب العربي الذي يتوق لمن يأخذ بيديه ولم أستطع الحقيقة أن أستمر بذلك إلى أن تسنى لي أن أصل إلى مواقع يمكنها أن تؤدي مثل هذا الدور وتعطيه حقه من التفرغ والتركيز اللذين يستحقهما فحولت هذه المهمة إلى هذه المواقع وعلى رأسها مجلتكم "أنهار" التي تحتفي برسالتها هذه وتتيح المجال واسعا لمن لديه ما يقدم ، وحينما نضجت تجربة الموقع الأول والذي كان على موقع شبكة ياهو المجانية قمت بعدها بنقله مع الإضافات التي طرأت على القصائد إلى موقعي الحالي والذي هو مسجل طبعا ، إن أهم ما احتواه الموقع هو القصائد الأخيرة والتي واكبت ولا زالت الانتفاضة حتى أنها زادت عن ثلاثين قصيدة وباللغتين العربية والإنجليزية أيضا فضلا عما تم ترجمته، وهناك صفحة خصصت لعناوين مواقع نراها تستحق الزيارة على الشبكة أما عنوان الموقع الحالي فهو :

http://www.allabadi.info

س20: أنت مؤسس مجموعة أدبية إلكترونية هلا ألقيت الضوء عليها؟ وحدثتنا عن أهدافها وكيفية الاشتراك بها ؟

ج20:نعم مجموعة الشاعر العربي أو الشعراء العرب ، والواقع أن هذه التجربة أيضا انبثقت باستغلال إمكانات الشبكة اللامتناهية والفكرة أساسا قامت على أساس محاولة لقاء أكبر عدد ممكن من الشعراء والأدباء والإعلاميين والمثقفين وكذلك الأكاديميين العرب ممن لهم اهتمام بالشأن الأدبي وممن لديهم قناعة بضرورة المحاولة وممن لديهم إيمان بشرف الرسالة الأدبية ويطمحون إلى الريادة في هذا الحقل الجديد وسيلة كي يتجاوزوا كل وقائع التحوصل والسكون والتشظي ويشقون لهم طريقا يعبرون من خلال الحوار والتبادلات الثقافية الحاصلة عبر الشبكة ومن خلال هذا التواصل الرائع إلى واقع ثقافي أفضل وأكثر إشراقا وغنىً وتميزاً ، ليس لهم فقط على المستوى الشخصي بل لمن سيصله صوت هذه المجموعة تاليا علها تنجز ولو شيئا يسيرا في الوضع الساكن من خلال حراكها، وفعلا وجهنا الدعوة إلى عدد من الأصدقاء واستجاب أغلبهم لذلك وبدأنا من خلال موقع المجموعة على الشبكة في طرح قضايا نناقشها بهدوء وبروية وباستفاضة نطمح من خلال ذلك إلى تحقيق إنجازات حقيقية وليست احتفالية والمجموعة تضم حاليا عددا من الأخوة وتطمح إلى تعميم التجربة قطعا وزيادة عدد المشتغلين بها من الأعضاء ، أما الاشتراك بها فهو لمن يرغب من هذه الفئات ويجد نفسه مؤمنا بهذه الأهداف سهل وميسور من خلال إرسال طلب اشتراك بالبريد الإليكتروني من خلال موقع المجموعة .

س21: المنتديات العربية سيئة للغاية في الطرح .. ما تعليقك على هذا الرأي ؟

ج21: ليس كلها قطعا فهناك بعض منها يعمل وفق آلية جيدة ومنظومة محترفة وعلى قاعدة صلبة من الفهم الواعي والعميق لمقتضيات مثل هذه النشاطات الجماهيرية والمنابر العامة ، إلا أن للأسف الشديد أغلبها ليس فقط سيئ الطرح بل وأحيان كثيرة لا يطرح سوى قضايا مستهلكة أو مثيرة لشتى أصناف الغرائز العدوانية منها والبدائية كذلك ناهيك عن اللغة الفجة والسمجة المستخدمة من قبل بعض مرتاديها وعدم القيام بأي جهد لتصحيح ذلك تحت حجج واهية مقززة تقترب من قوانين السوق أكثر مما تقترب من الفكر والسياسة والأدب وهكذا منتديات ليست فقط تشويها مقززا لتجربة ممكن أن تخلق رأيا عاما وثقافة جماهيرية وواقعا أكثر نظافة إلا أن ما يحدث بسبب تلك التجاوزات هو للأسف مدعاة للقلق والسخط العميقين خاصة حينما يصر أصحابها على تجاهل النداءات والنصائح الصادقة الموجهة لهم دون جدوى.

س22: هل تراها بديلا للصحافة والنشر خصوصا إنها بلا رقابة مشدده ؟ وهل لو استغل العرب المنتديات لتغيّرت مفاهيم كثيرة ... ما تعليقك؟

ج22: ليس فقط أنها ستكون بديلة للصحافة والنشر وليس بسبب كهذا فقط ، بل إنها يمكن كما قلت لك إن أحسن توجيهها واستخدامها أن تشكل تجسيرا للهوة التي تفصل مجتمعاتنا عن ذواتها ، إنها مناسبة تخلق وعيا جماهيريا عاما وخدمة جليلة لمجتمعاتها بل وحتى لأوطانها العربية كجزء هام من عملية تنموية ونهضوية شاملة على مستوى الإنسان العربي والفكر العربي والممارسة العربية والمشاركة العربية الفاعلة إنها ببساطة بروفة حقيقية لتعليمنا أصول فكر الديموقراطية وقبول الرأي والرأي الآخر ومدرسة لتخريج أجيال واعية متينة الفهم والإدراك والانتماء بعيدا عن الاسترزاق والاستزلام الحاصل في الصحافة المكتوبة وأحيانا كثيرة المسموعة والمرئية ، باختصار إنها أداة فذة يا صديقي ولكنها ملقاة حتى الآن دون اكتراث.

س23: كلمة أخيرة لجمهور أنهار ؟

ج23: مزيداً من الاحتفاء بأنهار وجهودها ومزيدا من العطاء مع هذا المنبر الفتي سيشكل علامة مميزة وفارقة على الشبكة وشكرا لكم على صبركم علينا فقد أطلنا عليكم .

GIF - 9.4 كيلوبايت

لقاء مع أنهار 11/2001

الرد على هذا المقال

نسخة من المقال للطباعة نسخة للطباعة
| حقوق المادة محفوظة ويمكن الاقتباس والنقل مع ذكر المصدر|